عند اندلاع ثورة نوفمبر، اعتمدت جبهة التحرير الوطني على التمويل كوسيلة أساسية لتمويل جيش التحرير. تم جمع التبرعات من الشعب لتوفير الأسلحة والألبسة والمواد الغذائية والطبية للجنود، كانت الجبهة تحصل على المعدات الطبية من الجيش الفرنسي. وغالبًا ما كان يتم اللجوء إلى المواطنين الملمين بالطب الشعبي التقليدي، خاصة في علاج الكسور والجروح، وكثيرًا ما كان يتم إجراء العديد من العمليات الجراحية الخطيرة بنجاح دون تخدير بوسائل بدائية. اذا ان المواطنين البسطاء الذين يساهمون أيضاء رغم قلة إمكانياتهم بتوفير ولو جزء قليل من الأدوية ونستدل بقول الممرض عبد المجيد عزي (الولاية الثالثة):" إن علاقتنا مع السكان يطبعها الإخلاص ولا يشوبها أي لبس، فلقد كان التزام الشعب في النضال من أجل الإستقلال حقيقيا لا جدال فيه فهو الذي تحمل العبئ الأكبر من القمع الهمجي"، وقال أيضا : " إن المواطن لا يقدر بثمن وأساسي لضمان تموين منتظم وكاف خاصة من المواد المقسطة، فقد كان يحضر منهم كل يوم من مدينة واحدة حتى تجمع في الأخير كميات معتبرة نذكر على سبيل المثال المواد الصيدلانية خاصة المضادات الحيوية والمطهرات التي تستخدم عادة لتضميد الجراح ومكافحة العدوى. ولطالما كان التمريض بالأدوية والمعدات الطبية إحدى العقبات التي واجهتها الجبهة بسبب الضوابط والإجراءات الصارمة التي كان يطبقها المستعمر على المعدات الطبية، خاصة تلك المستخدمة في العمليات الجراحية. على سبيل المثال من أهم العلاجات التي مارسها الجزائريون: العلاج بالعسل ونخالة القمح وزيت الزيتون والتمر والحلاوة الطحينية والتين والحجامة والكيّ، وأحيانًا ثقب أذن المريض وتعليق أسلاك النحاس، ونظراً لنقص الأدوية والمعدات الطبية، اعتمد الممرضون والمسعفون على وسائل بدائية مثل المناشير والماء والملح والخناجر الساخنة لبتر الأطراف وإزالة الرصاص والشظايا من الجرحى ومعالجة الحروق الشديدة دون تخدير. كان الجرحى يرسلون إلى الخارج لتلقي العلاج في تونس والمغرب وألمانيا الشرقية ويوغوسلافيا وروسيا وتونس وغيرها من الدول الشقيقة التي كانت تدعم القضية الجزائرية آنذاك. وفي إطار سياسة التبعية التي انتهجتها فرنسا خلقت أزمة أدوية واتخذت تدابير خاصة في قطاع الصحة من خلال حصر نوعية الأدوية في الإسعافات الاستعجالية وتوظيف إداريين جزائريين تحت إشراف كوادر فرنسية. ومن أجل أن تلعب الكوادر الإدارية المتخصصة دورا فعالا في القطاع الصحي تم إنشاء الخدمات الطبية المجانية سنة 1955، حيث كان على هذه الكوادر أن تسد الفراغ الذي كان موجودا في القطاع الصحي الجزائري خاصة في المناطق الريفية التي كانت تعاني من نقص كبير. وبموجب مرسوم صادر في 24 أكتوبر 1955، اتخذت الحكومة الفرنسية تدابير لمراقبة الأدوية من أجل حرمان المجاهدين من العلاج الكافي والضروري، وفرضت التزاما بتعيين الأدوية المصرح بها، والتصريح شهريا بالكمية الموجودة في الصيدليات وتبرير الكمية المباعة في الشهر السابق. وقد دعم هذا المرسوم بمرسوم آخر مؤرخ في 21 نوفمبر 1955 يحظر حيازة وبيع ونقل وتداول الأدوية مثل: Extancilline، Pénicilline وتوجيه آخر مؤرخ في 22 ديسمبر 1956 يقيد نشاط الأطباء ويجبرهم على تقديم تقارير للمرضى، إضافة إلى تعليمة أخرى مؤرخة في 22 ديسمبر 1956 تقيد نشاط الأطباء وتجبرهم على التبليغ عن المرضى، كما انتهكت فرنسا كل القوانين الأساسية التي تكفل حرية نشاط الأطباء، حيث حاولت منع الحصول على الأدوية التي كانت تخضع لقوانين صارمة لعلاج المرضى والجرحى الجزائريين وبيعها القانون. تأثر الطلبة الجزائريون بثورة التحرير مثلهم مثل زملائهم الفلاحين والعمال. كان للثورة جوانب نفسية وأيديولوجية كان لها تأثير قوي على جميع الجزائريين. ولعلهم كانوا الفئة الأكثر تأثرا بفجائية الثورة ولم يتمكنوا من التعرف بدقة على الأحداث الهامة التي سبقت الثورة والوقائع الهامة. كما عانوا أيضًا من قمع حرية التعبير. وكان هدف السلطات الاستعمارية من إلحاق بعض الجزائريين بمدارسها الدينية الرسمية أو المسيحية هو إدماجهم كفرنسيين والعمل كوسطاء بينها وبين الجزائريين في محاولة لإقناعهم بالخضوع والاستسلام. بعد أن أدرك الطلاب أن مكانهم لم يعد في كراسي الجامعات، تركوا لجبهة التحرير الوطني حرية التصرف في نضالهم وهم يناضلون من أجل تمثيل الجرائم البشعة والوحشية التي ارتكبتها فرنسا في بيئة تعليمية. أدى نقل وصاية الجمعية العامة لطلبة الجزائر إلى اللجنة التنفيذية الجامعية للدفاع عن الجزائر الفرنسية التي تؤكد على أهدافها، إلى توتر العلاقات بين هذه الأخيرة والاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين ، وقد أدى قرار الحكومة الفرنسية بترقية بعض الأولياء الموظفين لدى الحكومة الفرنسية والسماح للبعض الآخر بالمشاركة في مسابقة مهنية، وتدهور العلاقات بين الطلبة الجزائريين والفرنسيين، إن رد الفعل العكسي الذي قامت به النقابات الطلابية في البلدان الأجنبية التي تضم نخبة من الطلبة الجزائريين على غرار تونس مثلا، واستعداد شبابها في الوقوف إلى جانب الثورة الجزائرية، وتأكيدهم على شمولية الثورة وتنفيذ أوامر المنظمة الطلابية للجمعية العامة لطلاب العاصمة فكان الإجماع على ترك مقاعد الدراسة والإلتحاق بالجبهة في 19 ماي 1956. وقد جاء الإضراب بعد أن أمعنت السلطات الفرنسية في جرائمها ضد الشعب وطبقتها بكل وسائلها وأشكاله، وهو ما يؤكده نص البيان الصادر عن المنظمة الطلابية فالإنذار الذي سجله اضرابنا يوم 20 جانفي (كانون الثاني) 1956 لم يجد نفعا، إن التحصل على شهادة زائدة قد يجعل منا جثة حقيقية، لأي شيء تصلح هذه الشهادات العلمية التي تمنح لنا في وقت يكافح فيه شعبنا كفاحا بطوليا. وهناك من يرى أن المشاركة الطلابية بدأت منذ بداية الثورة، إلا أن ما حدث خلال إضراب ماي هو خروج العمل من السرية إلى العلنية. وهكذا التحق الطلبة رسميا بإخوانهم في الجبال والمدن في النضال الوطني من أجل الحقوق، وتولى الكثير منهم مناصب قيادية في العديد من المجالات الهامة في جيش التحرير الوطني كالدعاية والإعلام والتعليم والمالية والأطباء والممرضين والصيادلة، حتى يتمكنوا من مواجهة الحرب النفسية الفرنسية. تخصصت الجبهة في مختلف مجالات الخبرة. عمل طلاب الطب على تدريب وتكوين كادر جديد يساهم في علاج المرضى وتخفيف العبء عن الجيش من خلال الإسعافات الأولية والجراحة وعلاج المدنيين. وكان من بينهم الطلبة التالية أسماؤهم: وجدي دمرجي وتيجاني ومراد طالب ورابح علواش ورشيد بلحسين، الذين تدربوا في البداية على يد الدكتور محمد الصغير النقار. وفي ديباجة مؤتمر الصومام عند حديثه عن مساهمة الطلبة في الثورة قال: "إن الطلبة، الذين استجابوا لنداء الجزائر التاريخي في 19 ماي 1956 ولم يستجيبوا له، يجب أن يكونوا في صفوف الثورة". ولا ننسى بالذكر أن العديد من الطالبات تركن دراستهن وتوجهن إلى الجبال مع أقرانهن، حيث تقوم كل مجاهدة بعمل يتناسب مع قدرتها وكفاءتها وخبرتها. وعادة ما يرتدين الزي العسكري ويحملن البنادق الآلية والقنابل اليدوية المثبتة على الأحزمة والحقائب الكبيرة التي تحتوي على الأدوية ومستلزمات الطوارئ.