التنظير أمر مألوف في حياتا اليومية سواء أدرك الناس ذلك أم لا. والتنظير الذي يستند إلى التفسير يعتبر مهماً نظراً للحاجة إلى تفسير الوقائع. ومهما كانت ظروفنا جيدة أو سيئة فلا بد أن نفسر لأنفسنا وللآخرين وذلك بأن نعزو الوضع الحالي إلى تجارب سابقة أو قرارات أو مؤثرات اجتماعية أو ضغوط الآخرين أو البيئة أو نقص الفرص المتاحة . ومن أمثلة التنظير الذي يستند إلى التفسير محاولة الأب تفسير سبب عدم نجاح ابنه في مادة دراسية معينة أو تفسير الأم لتأخر ابنها في العودة من المدرسة أو قيام المدرسين والقادة السياسيين ورجال الأمن بتبرير ما يقولونه لأنفسهم وللآخرين. وعملية التخطيط والتنبؤ بالمستقبل يتطلبان تجاوز الحقائق القائمة والقيام بالتنظير إذ أن التنبؤ بالمستقبل بدقة تامة عملية مستحيلة، فما نفعله نحن في هذا المجال مجرد افتراضات أو (تخمينات تتسم بالبراعة ثم نقوم بتعديل أو (تغيير) سلوكنا في ضوء توقعاتنا وآمالنا. فالصغار مثلاً يختارون مهنة المستقبل والآباء يتوافقون مع سلوك أطفالهم، والزبائن يخططون المشترواتهم والباعة يطورون أساليب جديدة في البيع. كما يقوم القادة السياسيون بالتفكير في مشكلات السياسة الخارجية. ويقوم الطالب بإعادة التخمين حول الأسئلة التي تشملها الامتحانات وجميع هؤلاء يظهرون الحاجة إلى المضي وراء الحقائق المتاحة والحاجة إلى التنظير وبالرغم من قيام الناس في حياتهم اليومية بالتنظير فإنهم لا يدركون دائما الافتراضات النظرية التي تعتبر أسس تفسيراتهم وتنبؤاتهم أو البناء المنطقي لاستنتاجاتهم من حقائق الحياة اليومية المتاحة. كما أن نظريات الحياة اليومية غالباً ما تكون مضمرة وغير صريحة وتتمثل دائماً في الأعراف والحكم الشعبية التي يتداولها الناس العاديون، وقد تكون في الحكم والمأثورات القديمة، وقد يرمز إليها في معتقدات حول الطبيعة الإنسانية أو طبيعة المجتمع كالاعتقاد بأن الناس يملكون صفات راسخة تميزهم عن سواهم من الحيوانات الأخرى أو الاعتقاد أن السلوك الخير" يستحق الثواب وأن "السلوك الشرير " يستحق العقاب. هذه النظريات الضمنية تشكل اتجاهاتنا نحو الناس الآخرين في المجتمع. لكن النظريات العلمية تختلف عن الافتراضات الضمنية وغير الواعية في حياتنا اليومية. لذا يجب الانتقال من الإدراك البسيط لنظريات الحياة اليومية إلى إدراك النظرية كجزء من عمل علمي. وهذا الانتقال يجعلنا أكثر وعياً وإدراكاً لبناء النظرية الصريحة ونصبح أكثر موضوعية وأكثر نقداً للذات وأكثر تجريداً من التنظير السالف الذكر في )Hage : 1972 : 6, 7( الحياة اليومية ويمكن النظر إلى بعض الفروق بين التفكير النظري بصيغته اليومية وبين التنظير للنظرية الاجتماعية فيما يلي: 1 - إن النظرية الاجتماعية تحاول أن تكون أكثر تنظيماً في نظرها إلى الأفكار والخبرات معاً. ٢- الفرق الثاني يظهر في عملية إقامة الأنساق النظرية ما يدعى الرتبة الثانية Second Order وهي مشكلات تتعلق بأفضل الطرق في إجراء عملية الأنساق وهي عملية لا تربط إلا بشكل غير مباشر بتفسير خبراتنا ومن الأمثلة على ذلك الجدل الذي يمكن أن يدور حول ما نعنيه بالتفسير ومتى يكون التفسير كافياً ومتى لا يكون. - الفرق الثالث إذ يمكن أن تقود عمليات التنظيم المختلفة إلى الاستنتاج بأن ثمة ظواهر موجودة في الحياة ليست لنا بها خبرة مباشرة. ولعل قبول ذلك أصعب كثيراً في حال الواقع الاجتماعي بينما نحن نقبله في حال الواقع المادي وهذا ما يدعونا إلى أن نظل منفتحين ذهنياً على الأقل. (كريب: ۹۲ ، ۸۲ :۹۹۹۱ ولكن هناك جوانب أخرى مهمة يجب الإلمام بها من أجل إلقاء مزيد من الضوء على النظرية الاجتماعية وهي: تعريف النظرية،