مقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين. حياكم الله أيها الإخوة والأخوات في برنامجكم الأسبوعي: "أسس التربية" من قناتكم قناة "زاد" العلمية الفضائية. كنا في حلقاتٍ سابقةٍ نتحدث معكم من خلال مجموعةٍ من تلكم الحلقات عن التربية من خلال القرآن، على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم. في بداية هذه الحلقة أوصي الأسرة أن تعتني عنايةً شديدةً بالوحيين: الكتاب والسنة؛ لأنهما مصدران أساسيان، والوقوف عند دروسها، لا شك أنها ستستفيد فائدةً عظيمةً جدًّا في حياتها، وستبني أجيالًا من خلال النظر في هذه الآيات، وكيف نستطيع أن نستفيد منها في تربيتنا لأنفسنا ولأهلينا ولأسرنا، ولمَن هم في المحاضن التربوية المقصودة في المدارس والجامعات، كان مع النبي عليه الصلاة والسلام في الحج، وأراد أن ينفر من مزدلفة إلى منى عليه الصلاة والسلام، وكان معه الفضل بن عباس، ماذا تتوقعون من النسوة اللاتي حججن مع النبي ؟ لا شك أنهن مُتستراتٌ، مُتعففاتٌ، ومع ذلك وقعت عين الفضل بن عباس عليهن. وهو يُدرك الفطرة في ميل الجنس إلى الجنس الآخر، عليه الصلاة والسلام، وأدار وجه الفضل. ثم نظر الفضل إليهن مرةً أخرى من الجهة الأخرى لما انتقلن إلى تلك الجهة، فحوّل الفضل وجهه إلى الشق الآخر"[2]. موقف طاعةٍ وحجٍّ، ونتنبه لها. وهنا دور المُربي في المتابعة والمراقبة والتَّنبه حتى يكون له الدور المؤثر؛ لأن الموقف موقفٌ مُفاجئٌ، نسوةٌ مررن أمام النبي ، والفضل نظر إليهن، والنبي  تنبه لنظر الفضل للنساء، ففعل النبي  هذا الأمر حينما وضع يده، ثم اتجه الفضل إلى الجهة الأخرى، وهكذا فعل النبي عليه الصلاة والسلام. وهذا يُعطينا قضيةً رئيسةً ومهمةً فيما يتعلق بقضية المنهج الذي يُسمى: بالمنهج الوقائي: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6]. أهمية المنهج الوقائي والمنهج العلاجي في التربية إذن نحن نحتاج إلى المنهج الوقائي والمنهج العلاجي في نفس الوقت، النبي  عالج المشكلة في أولها قبل أن تستفحل، أقول: نحن في أمس الحاجة إلى الرعاية والمتابعة والمراقبة والاهتمام والنظر والوقاية والعلاج في مثل هذه القضايا، في ظل الانفتاح الذي حصل اليوم فيما يتعلق بوضع الستر والعفاف فيما يرتبط بأحوال النساء للأسف الشديد، وكذلك فيما يرتبط بالتواصل والعلاقات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي الذي قرَّب البعيد، ونستفيد منه. أسأل الله  أن يحمينا وإياكم من هذه الأمور. وكم تأتي من استفساراتٍ، وإذا لم يكن هذا الوازع الإيماني بالمستوى المطلوب فلا بد من أن يُساعدوا على وقاية المُتربي حتى لا يقع في فخ تلكم الشهوات. في السنة النبوية نصوصٌ وأخبارٌ يمكن أن يُستفاد منها في التربية المتصل: الله يُحييك، مرحبًا بك يا دكتور خالد. المحاور: يا مرحبًا، ونحن نتحدث بعد أن عشنا في حلقاتٍ عديدةٍ مع كتاب الله ​​​​​​​، ففي هذا اليوم نبدأ مع سنة النبي ، وكيف نستفيد منها في جانب التربية؟ الوقت بين يديك، بارك الله فيك. المتصل: الله يحفظكم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ، أما بعد: فإن السنة النبوية اشتملت على جملةٍ وافرةٍ جدًّا من النصوص والأخبار التي يمكن أن تُستفاد منها قواعد ضخمةٌ في التعامل وفي التربية التي سلكها النبي . ولا يخفى أن النبي  هو ممثلٌ للكمال البشري، وبالتالي فإن مَن فوَّت على نفسه النظر في السنة لاستنباط قواعد في التربية ونماذج في التربية الصحيحة؛ فقد فوَّت خيرًا كثيرًا. النبي  سنته اشتملت على جملةٍ وافرةٍ جدًّا من النصوص التي تُستفاد منها أصولٌ في التربية، ولا يخفى أن النبي  بعثه الله -تبارك وتعالى- مُزكِّيًا، فهو الذي بشَّر: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ [الجمعة:2]. وهذه التزكية ظاهرةٌ جدًّا في النصوص النبوية، فعلى سبيل المثال من الأحاديث التي يمكن أن تُستقى منها أصولٌ كبيرةٌ في التربية: ما روته أمنا عائشة رضي الله عنها: أن أعرابيًّا جاء عند النبي ، فرأى النبي ﷺ يُقبل بعض صبيانه، فقال الرجل: وتُقبلون صبيانكم؟! فقال النبي : نعم، فهذا النموذج يدل على أن المُربي أحوج ما يكون إلى الرحمة في تربيته، وأن يكون شفيقًا رحيمًا، يتعامل تعاملًا مبنيًّا على هذه القواعد: الرحمة والشفقة مع المُربي. وأيضًا من الأحاديث التي جاءت في السنة النبوية، والتي يمكن أن تُستفاد منها أصولٌ كبيرةٌ في التربية: الحديث المشهور في "صحيح البخاري": أن ابن عباسٍ رضي الله عنهما نام عند خالته ميمونة في بيت النبي ، فأخذه  وأداره برفقٍ حتى أوقفه عن يمينه[4]. ونماذجها مبثوثةٌ في السنة النبوية. هل هو نفس الحديث الذي رأى فيه ابن عباسٍ النبي  وهو يتوضأ كذلك؟ لما بات كان يرمق النبي ، ثم قرأ العشر آيات الأخيرة من سورة آل عمران، ثم عمد إلى شنٍّ مُعلَّقةٍ فتوضأ منها . إلى آخر الحديث[5]. فهذا فعلًا يؤكد أهمية قاعدة القدوة في التربية. المحاور: دكتور صلاح، وفي قصة ابن عباسٍ وما يتعلق بالقدوة. إذن نحن في مقابل حقيقةٍ معينةٍ لا تنضب، فحياة النبي  كلها مجالٌ للتلقي في قضايا التربية، ونتمنى أن نسمع شيئًا مما يفتح الله به عليك. لكنهم ينسون هذا المعين الذي بين أيدينا، الضيف: اللهم صلِّ وسلم عليه، الواقع أن كثيرًا من الناس -مع الأسف الشديد- يترك هذا المعين الصافي الذي هو تمثيلٌ للكمال البشري، الذي كان النبي عليه الصلاة والسلام يُربي به أصحابه، حتى أخرج أكرم جيلٍ وأفضله وأكمله بعد النبي . فهو يبحث عن كمالاتٍ يظنها موجودةً في الشرق أو الغرب، فينتزع بالمناقيش قواعد تربويةً مثلًا عند بعض الكُتَّاب الغربيين، الضيف: نعم، وربما على الصحن أو السُّفرة، وربما وقع منهم تجاوزٌ في الأكل أو أخطاء فيه. هذا المشهد من النبي  لم يمر دون توجيهٍ، فقال له  كلماتٍ رسخت في قلبه، وحُفرت في ذاكرته، سمِّ الله، هذا الحديث -كما نُلاحظ- أصلٌ مهمٌّ في ضرورة التوجيه التربوي في الأحداث والمواقف التي تمر على المربي، فإما أنه يدعه ويتركه دون توجيهٍ، جزاكم الله عنا خيرًا. المتصل: شكرًا لكم يا دكتور خالد، الله يرضى عنك. المحاور: يا مرحبًا، يعني: الرحمة -بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام-، التوجيه، واستغلال الأحداث في بناء الإنسان، لا شك أن مثل هذا الأمر مهمٌّ، ونحن حقيقةً نجزم من خلاله بحاجتنا إلى الاستقاء والأخذ من معين السنة النبوية. ما زلنا معكم في موضوع: التربية والسنة، وكيف نستطيع أن نستفيد من سنة النبي  في تربية أنفسنا وتربية أجيالنا في بيوتنا ومدارسنا ومجتمعنا. عدم الميل عن الكتاب والسنة إلى غيرهما وجزمًا الذي أعجب عمر بن الخطاب لا يمكن أن يتصور أنه سيُخالف الكتاب والسنة من حيث الأصل، ولو كان موسى حيًّا ما وسعه إلا اتِّباعي[7]. ويقع عندها الشباب وغير الشباب. عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه لديه مصدرٌ أصليٌّ للتلقي، وسنة النبي ﷺ، فهذه الشبهة التي يقرأها هنا وهناك قد تُؤثر في عقله وفكره. لذلك أقول وأكرر: أخي الكريم الأستاذ عبدالله، عندنا الحرمان، لو استخدمنا الحرمان في العقوبة بطريقةٍ سليمةٍ، لو حرمنا الطفل شيئًا يُحبه، يُحرم منه في وقتٍ مناسبٍ، وهناك أساليب كثيرةٌ يقولونها، ومنها: التعزيز للسلوك المضاد، وكما قلنا لكم من قبل: نتمنى من الإخوة المُربين أيًّا كانوا: آباء، ذكورًا، وفقك الله يا شيخ عبدالله، طيب، إلى آخره، أيًّا كانت اتجاهاتها وأمثالها، هذه الشبهات التي تتلقفها بعض الأجيال، فالنبي  يريد لعمر وللأجيال أن يستقوا من مصدرٍ صافٍ نظيفٍ،