قرَّر مالك بن عوف أن يأخذ معه النساء والأطفال والبعير إلى الحرب؛ حتى يُبقي المقاتلين في حالة ثباتٍ ويقاتلوا عن أنفسهم وأموالهم ونسائهم، فقام مالك بن عوف بإرسال ثلاثة رسل؛ فعادوا إليه وقد ملأ قلوبهم الخوف والوجل من عظمة ما رأوا، ما تقاتل أهل الأرض إنما تقاتل أهل السماء، وبقي على رأيه مصمّماً على الحرب، في السنة الثامنة من هجرة النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- بعد هزيمة المُشركين في مكة المكرَّمة وفتحها بأيامٍ قلائل، وقد كان عدد المُشركين آنذاك يتراوح ما بين عشرين إلى ثلاثين ألفاً، وخرج كل من جاء مع النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لفتح مكة المكرّمة، بالإضافة لمن أسلموا بعد الفتح، وبقي النبي -صلَّى الله عليه وسلمَّ- في ساحة المعركة، وكان قد انتشر بين المسلمين إشاعة استشهاد النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: (أنَا النبيُّ لا كَذِبْ، ٥] فتفاوتت ردَّات الفعل عند من وصلتهم هذه الشائعة بين يائسٍ ومنهزمٍ، وقال لهم إن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لازال على قيد الحياة، فعاد المسلمون إلى أماكنهمم، فقام النبي -صلَّى الله عليه وسلّم- بتوزيعها على المُسلمين، لتأليف قلوبهم وزيادة رسوخهم على عقيدة الإسلام، ٤] ويجدر بالذَّكر أنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أحبَّ أن يعود أصحاب الغنائم إليه نادمين تائبين؛ أمَّا عن المُشركين وقائدهم مالك بن عوف؛ فقد هربوا من أرض المعركة وذهبوا إلى الطائف، وذهب -صلَّى الله عليه وسلَّم- ومن معه من المسلمين إلى المكان الذي هرب إليه مالك وجيشه في الطائف،