تناولت هذه الدراسة إسهامات المفكرين العرب في الأنثروبولوجيا خلال العصور الوسطى (منتصف القرن السابع حتى نهاية القرن الرابع عشر). نتجت عن الفتوحات الإسلامية حاجة لدراسة أوضاع الشعوب المُحتلة، ما أدى إلى ازدهار الجغرافيا العمرانية والمعاجم، معتمدة على الملاحظة والخبرة، مما وفّر مادة غنية للأنثروبولوجيا. برز البيروني بدراسته للهند، مُقارناً ثقافتها باليونانية والفارسية والعربية، مُسلطاً الضوء على دور الدين في المجتمع الهندي. كما يُعدّ ابن بطوطة، بكتاباته عن رحلاته، مصدراً أنثروبولوجياً قيماً، يُوثّق حياة الناس اليومية وعاداتهم وقيمهم. أما ابن خلدون، فدرس الحياة الاجتماعية في شمال أفريقيا، مُقدماً محاولات نظرية لتفسير الأنظمة الاجتماعية. وبالرغم من قيمة هذه الدراسات كمادة أثنوجرافية، إلا أنها لم تُعتبر جزءاً من الأنثروبولوجيا كعلم قائم بذاته، والتي تبلورت في أواخر القرن التاسع عشر. باختصار، أثبت المفكرون العرب خلال العصور الوسطى إسهامات قيّمة في دراسة الظواهر الاجتماعية والثقافية، سواء من خلال دراسة ثقافة محددة أو مقارنتها بغيرها، إلا أن تلك الدراسات لم تُصنف ضمن الأنثروبولوجيا الحديثة.