وكون القاعدة القانونية عامة لا يعني أنها تسري بالضرورة على كل الأشخاص في المجتمع بل يكفي أن ينصرف حكمها إلى طائفة من الأشخاص ما دام خطاب القاعدة القانونية يوجه إلى هؤلاء بصفاتهم لا بذواتهم و من ذلك مثلاً القواعد القانونية الخاصة بالمهندسين أو المحامين أو القضاة فهذه القواعد تعتبر قواعد عامة لأنها تنطبق على أشخاص محددين بصفاتهم لا بذواتهم وقد تسري القاعدة القانونية على شخص واحد وتعتبر مع ذلك عامة فالقواعد التي تنظم مركز رئيس الدولة ورئيس الوزراء أو التي تحدد اختصاصات رئيس الجامعة لأن هذه القواعد تتوجه إلى هؤلاء الأشخاص بصفاتهم لا بذواتهم فتسري على كل من يتولى تلك المناصب أي من تتوافر فيه هذه الصفات أما إذا كان الأمر على خلاف ما سبق وتعلق بشخص معين بذاته أو بأشخاص معينين بذواتهم لم يكن قاعد قانونية لعدم توافر صفة العمومية فالأمر الصادر مثلا بتعيين موظف أو ترقيته أو عزله لا يعد قاعدة قانونية لأن اقتصر على شخص معين بذاته لا بصفته وذلك بخلاف قواعد تعيين الموظفين أو ترقيتهم أو عزلهم حيث تعتبر قواعد قانونية لأنها عامة تسري على كل المخاطبين بها بصفاتهم لا بذواتهم وكذلك الشأن بالنسبة للقاعدة التي تجيز منح الجنسية للأجنبي إذا توافرت شروط معينة فهي قاعدة قانونية لأنها لم تضع لشخص معين بذاته وإنما لكل شخص تتوافر فيه الشروط المطلوبة وهذا بخلاف القرار الصادر بمنح الجنسية لشخص معين بذاته وهذا أيضا ما يميز بين القاعدة القانونية والحكم القضائي الذي يصدر نتيجة لأعمالها فهذا الحكم لا يتضمن قاعدة قانونية لأن يصدر لمواجهة حالة بخصوصها وبشأن فرد معين بذاته ومما سبق يتضح أن الفرق بين الأمر أو القرار وبين القاعدة القانونية ينحصر في أن تطبيق الأمر يقتصر على الحالة التي تصدر بشأنها ينتهي عند تطبيقه مما يعني أن عدم توافر صفة العمومية والتجريد بشأنه فهو لا يمتد إلى غير من صدر بالنسبة له كما أنه لا يكتسب صفة الدوام و الاستمرار وهذا بخلاف القاعدة القانونية اذ أنها لا تستنفد قوتها بتطبيقها مرة أو مرات بل أنها تظل قائمة لا يقتصر تطبيقها على ما تم في الماضي أو الحاضر بل يمتد كذلك إلى المستقبل وذلك كلما توافرت شروط تطبيقها دون التقيد بشخص معين بذاته أو بواقعة معينة بذاتها وبناء على ما تقدم فإنه لا تعد قاعدة قانونية تلك التي تتضمن تعييناً للمخاطب بها بذاته كما هو الحال في القانون الصادر بنزع ملكية عقار مملوك لشخص معين للمنفعة العامة أو القانون الصادر بمنح وسام لرئيس الجمهورية السابق أو بتقرير معاش استثنائي لأسرة رئيس سابق للجمهورية مثل تلك القواعد التي لا تعد قواعد قانونية لأنها لا تقيم نظاماً و انما هي قرار فرد أو عمل تشريعي منفرد يستنفذ سلطانه بمجرد تطبيقه هذا ويلاحظ أنه لا ينفي عن القاعدة القانونية صفة العمومية و التجريد تحديدها من حيث الزمان فهناك من القواعد ما يصدر لكي يعمل به خلال مدة معينة كما هو الشأن بالنسبة للقوانين التي توضع للعمل بها خلال فترة الحرب مثلا أو تلك التي توضع للعمل بها إلى تاريخ معين فهذه القواعد تعتبر عامة مجردة وأن كان يعمل بها إلى حين هذا بالإضافة إلى أن القانون لا يوضع لكي يكون ابديا والقول بغير ذلك يتعارض مع كون القانون معبراً عن ظروف المجتمع ويتغير بتغيرها هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإنه لا ينال لا من عمومية القاعدة القانونية وتجريدها تحديدها من حيث المكان فقد تتحدد القاعدة القانونية من حيث المكان فتنطبق في إقليم معين من الدولة دون غيره كما هو الحال في الدول التي تتكون من ولايات متعددة مثل الولايات المتحدة الأمريكية حيث يكون لكل ولاية قوانين خاصة بها دون غيرها من الولايات فهذا التحديد المكاني إلى للقاعدة القانونية لا يرفع عنها صفة العمومية والتجريد اذ أنها تبقى عامة ومجردة داخل النطاق المكاني المحدد لإعمالها