يُظهر الخطاب الشعري الصوفي في العصر العباسي الثاني آثارًا لعصر الانحلال والزندقة المتزايدين في العصر الأول، مع انتشار شرب الخمر، والغناء، وزيارة الأديرة. لكن هذا لا يعني إلحاد العصر، فالفساد كان مقصورا على طبقة غنية مترفة، بينما كان جمهور الناس يعاني شظف العيش والتقوى. وكانت المساجد مكتظة بالعباد والنساك أكثر من أماكن الفساد. برز التصوف بشكل واضح في أواخر القرن الثاني الهجري مع شخصيات كإبراهيم بن أدهم ومعروف الكرخلي، مع جدل حول تأثيراته الأجنبية (مسيحية وبوذية). لكن ماسينيون أكد على أصالة التصوف الإسلامية. وفي النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، ازدهرت المصطلحات الصوفية كصفاء الذكر، والزهد، والحب الإلهي، مع تمسك المتصوفة بالقرآن الكريم وسنة النبي. ويمثل الأدب الصوفي، الذي أنتجَه الزهاد والصوفيون، بحثًا عميقًا في النفس الإنسانية، ساعيًا لتطهيرها من حب الدنيا وإدخال الطمأنينة إليها، مع انعكاس روحانية عالية. شاع التصوف في العصر العباسي الثاني، وبدا الشعراء بكتابة الشعر الصوفي في أواخر القرن الثالث، مُجسّدين فكرة المعرفة الإلهية ومحبة الله، مثل رابعة العدوية.