إن الترجمة فيما هو متعارف عليه هي عملية نقل وتواصل من لغة إلى أخرى حيث يعرفها إدمون كاري Edmond Carre بأنها عملية نقل تسعى إلى القيام بعلاقة تعادل بين نصين يردان في لغتين مختلفتين وتكون علاقة التعادل هذه وقفا على طبيعة النصين ووجهتهما والعلاقة القائمة بين ثقافة الشعبين والبيئة الأخلاقية والعاطفية، كما أنها وقفا على الظروف الطارئة الخاصة بالعصر والمكان والانطلاق والوصول لذا فكل ترجمة تطرح إشكاليتين: إشكالية المتلقي: يجب على كل مترجم سؤال نفسه كيف يمكن للمتلقي استقبال النص والتواصل معه؟ ولتجاوز هذه الإشكالية يكفي قراءة النص عدة مرات لتحديد ما هو لساني وما هو غير لساني والذي يجب ترجمته يعني ذلك أن المترجم يأخذ بعين الاعتبار كل استجابات التي بإمكان المتلقي القيام بها وذلك من خلال تحديد أفق الانتظار وبالتالي فإن المترجم هو الذي يقيم الآثار التي يحس بها بوصفه متلقيا للنص المصدر في البداية – النص الأصلي - ويعمل على إنتاج هذه الآثار حين يضع نفسه موضع متلقي الترجمة لأن الشيء الأصعب هو التكيف مع معارف القارئ وتقدير الثغرات الثقافية وحذر على ردمها. إشكالية التأويل: التأويل هو تلك العملية الذهنية والتي تعنى بفهم ما وراء الألفاظ ثم التعبير عن المعنى الوارد في مادة النص وتطرح إشكالية التأويل خاصة في النص المكتوب لأنه تواصل مؤجل يجعل طبيعة النص تنفتح على تعدد التأويلات لأن النصوص المتلقاة تخرج أحيانا عن إطارها الأصلي وكل متلقي جديد يحمل معه تجربته وثقافته وقيم عصره ويعيد في وضوءها قراءة النص عكس النص الشفهي والذي يكون المعنى فيه محددا بمعطيات السياق والتي تيسر مكانيزمات الفهم والتأويل والتجاوز هذه الإشكالية يكفي تحصيل المعنى من تحديد ماهية النص الذي يرتبط بعملية الفهم وإعادة الفهم والتعبير وذلك من خلال التوسل بالمكملات المعرفية السديدة التي غالبا ما تساهم في تكملة دلالات الجمل وهذه المكملات المعرفية يفرضها التناص ) هو العلاقة بين نصوص سابقة ولاحقة) الموجود في كل نص والذي يتطلب من المترجم والمتلقي على حد سواء أن يكونان مؤولان بحيث تتماشى الكتابة والقراءة التي هي مدخل لأي فعل ترجمي فلا تواصل ولا تفاعل دون متلقي يقتفي أثر النص فيقيم العلاقة بين النصوص الظاهرة ( المعنى الوارد مباشرة في الألفاظ والنصوص الكامنة ( المعنى الوارد خلف (الألفاظ وبالتالي فإن كل فهم للنص وكل تأويل له يستدعي كفاية لغوية ومعرفة موسوعية في آن واحد ويفترض في كل مترجم كذلك أن لا يترجم اللغة في حد ذاتها بحيث يختزل ذلك إلى مجرد نقل بل يجب مراعاة العناصر الثقافية والمعرفية ويكون على دراية بثقافات الشعوب ليتمكن من نقل المعنى في سباق اللغة الحاضنة للنص وبهذه الطريقة تصير الترجمة تواصل وتعارف على ثقافات الشعوب وعاداتهم وتقاليدهم وتصبح علاقة الترجمة بالتواصل علاقة ترابطية علاقة تحقيق للتفاعل ويصير التواصل جواز سفرها وتنقلها وهو بذلك لا يكبح جماح الترجمة بل يعمل على تحقيق تجاربها وسنعمل على إظهار دور التواصل في البقية وفي كامل الوحدة. يعتبر التواصل ظاهرة قديمة رافقت الإنسان في جل مراحل حياته لكن الاهتمام بفعل التواصل كظاهرة مستقلة لم يحدث إلا حديثا ، في البداية نظر الباحثين للتواصل في ظل السياق الاجتماعي كمجموعة من التفاعلات يقوم بها أفراد المجتمع من خلال تبادل مجموعة من الرسائل في إطار الحياة الاجتماعية هذا ما أقره الباحث ميد وأكد بأنه لا يهم نوع الرسائل المتبادلة بقدر ما يهم حدوث تفاعل بين هؤلاء الأفراد ووجود استجابة لدى المتفاعلين والتي تعبر مباشرة على حدوث عملية التواصل وعليه فإن التواصل كممارسة محتواة في الفعل الاجتماعي وتمارس بطريقة بديهية. ويعتبر جورج هبرت مید George Habert Mead من الأوائل الذين تنبهوا إلى التواصل الذي يحدث في إطار الفعل الاجتماعي وتعتبر أفكاره المحطة الأولى في دراسة التواصل كظاهرة مستقلة وقائمة بذاتها، لكن فيما بعد انتقلت الدراسات ليس في دراسة التفاعل الذي يحدث بين الناس ولكن في دراسة التفاعل الذي 02, اعتقد الباحثين في بداية ظهور وسائل الاتصال الجماهيرية بأنه تؤثر تأثيرا مطلقا على الجمهور بحيث أن هذا الأخير ليس سوى متلقي سلبي لهذه المضامين أي يقبل كل مضامين وسائل الاتصال الجماهيرية، توافق ذلك مع ظهور نظرية القذيفة السحرية أو الحقنة تحت الجلد، على مرحلتين.