هد العصر العباس نهضة فكريّة وثقافيّة كبرى، عكست التطور الحضاري الكبير في نواحي الحياة المختلفة،وقد أنشأ الخليفة هارون الر شيد مركزا علميًا أسماه بيت الحكمة ، وقد بلغ قمة مجده و ازدهاره ف عهدالخليفة المأمون. ازدهرت حركة الترجمه والتأليف ، وأقبل العلماء على نقل أنفس الكتب للعربية.وفي هذا العصر اكتملت المذاهب الفقهية الكبرى ، و أـنشئ علم النحو وظهرت المدرستين البصرية والكوفية، وصنفت المعاجم اللغوية ووضع علم العروض وبرع العلماء العرب في مختلف مجالات العلم والمعرفة،وشهدت نواحي الحياة الاجتماعية تغيرات في التأنق في المعمار والمأكل والملبس، والعناية بالجمال في شتى المجالات فقد ازدهر فن العمارة، ووضع الخليفة المنصور حجر الأساس لمدينة بغداد و اهتم العباسيون ببناء المساجد الكبيرة والقصور الفخمة ، بحدائق القصور وعرف المجتمع العباس تطورا في الملبس ، إذ شهدت صناعة النسيج ازدهارا كبيرا ، إلى جانب التطور الكبير في المأكل نتيجة امتزاج الثقافات، فكثر أصناف الأطعمة وتنوعت أدوات الطعام وطرق إعداده،وكان لامتزاج الثقافات واختلاط العرب بالأعاجم دور ًا في ازدهار الأدب واتساع مداه شعر ً ا ونثر ً ا. وقد اتجهت القصيدة خلال العصر العباس نحو الغرض الواحد، فظهرت الطرديات و الروضيات والزهريات، وسطع نجم ( المتنبي ) في وصف الوقائع الحربيه التي تتضمن المقاطع الحماسية والتي يبدع فيها ف التخييل وسرد الوقائع وتسجيل الأحداث، ومثال على ذلك قصيدته أتوك يجرون الحديد.وفيما يخص ّ التجديد في النثر العربي شهد ذلك العصر تطو ّر ًا كبير ً ا وصل إلى ذروته ف مواضيع الكتابة المختلفة من ناحية، وظهور أنواع أدبيّة جديدة لم تكن مشهورة عند العرب من ناحية أخرى، و كان على رأس تلك الفنون الجديدة فن ّ المقامة الذي ظهر على يد بديع الزمان الهمذاب ّ .وعقدت حلقات الرواية والإنشاد، ودارت المناظرات والمساجلات في مختلف القضايا، مما أسهم في ازدهار الثقافة، ورواج نوع خاص من الأدب هو أدب المناظرات ، وبرز ف هذا المناخ أبو عثمان ، الجاحظ ونشط أدب المجالس و برز ف هذا المجال (أبو حيان التوحيدي) بكتابه الإمتاع والمؤانسة.