سَئِمَت نَفسي الحَياةَ مَعَ الناسِ وَمَلَّت حَتّى مِنَ الأَحبابِ وَتَمَشَّت فيها المَلالَةُ حَتّى ضَجِرَت مِن طَعامِهِم وَالشَرابِ وَمِنَ الكَذِبِ لابِساً بُردَةَ الصِدقِ وَمِنَ القُبحِ في نِقابٍ جَميلٍ وَمِنَ الحُسنِ تَحتَ أَلفِ نِقابِ وَمِنَ الراكِبينَ خَيلَ المَعالي وَمِنَ الراكِبينَ خَيلَ التَصابي قالَتِ اِخرُج مِنَ المَدينَةِ لِلقَفرِ فَفيهِ النَجاةُ مِن أَوصابي ساعَةٌ في الخَلاءِ خَيرٌ مِنَ الأَعـ ـوامِ تُقضى في القَصرِ وَالأَحقابِ يا لَنَفسي فَإِنَّها فَتَنَتني وَتَرَكتُ الحِمى وَسِرتُ وَإِيّا ها وَقَد ذَهَّبَ الأَصيلُ الرَوابي وَقَضَينا في الغابِ وَقتاً جَميلاً تارَةً كَالنَسيمِ نَمرَحُ في الوا دي وَطَوراً كَالجَدوَلِ المُنسابِ إِنَّما نَفسي الَّتي مَلَتِ العُمـ ـرانَ مَلَّت في الغابِ صَمتَ الغابِ عَلَّمَتني الحَياةُ في القَفرِ أَنّي أَينَما كُنتُ ساكِناً في التُرابِ وَسَأَبقى ما دُمتُ في قَفَصِ الصَلـ ـصالِ عَبدَ المُنى أَسيرَ الرَغابِ خِلتُ أَنِّي في القَفرِ أَصبَحتُ وَحدي فَإِذا الناسُ كُلُّهُم في ثِيابي