غير أن هذا التقدير لم يمنع المسؤولين البريطانيين، وخاصة في وزارة الخارجية في لندن، من القول بأن تحمس الحاكم الجديد لعملية الإصلاح مدعوماً بعوائد النفط، يدفعه إلى محاولة إنجاز أكثر مما يجب وبسرعة هائلة، وأن التنمية السريعة في أبوظبي والتي سبقت الإمارات المجاورة، قد تضع عقبات في طريق تحقيق التعاون بين أبوظبي وإمارات الساحل المتصالحة الأخرى وتجعله أمراً صعباً . لقد اعترض البريطانيون على برنامج الشيخ زايد القائم على تحقيق التطور السريع، [11:24 pm, 31/01/2024] SARA: تحتمل الضغوط الناجمة عن تنمية متسارعة إلى هذا الحد، الاقتصادية إلى تحميل الاقتصاد المحلي أعباء تفوق طاقته. ربما كان لوتيرة التنمية المتسارعة بعض التبعات، غير أن الحاكم الجديد ظل ملتزماً فعلاً بتطوير إمارته على وجه السرعة، فقد كان موقناً بأن الشعب قد انتظر طويلاً ليرى هذه المشروعات. كما قد تبدو ملاحظات البريطانيين بشأن تكلفة المشروعات التنموية وإدارتها والعقبات الماثلة أمام التعاون الإقليمي مقبولة في ظاهرها، إذا ما أخذنا في الاعتبار فقط الثروة والنفوذ اللذين حظيت بهما أبوظبي آنذاك. غير أن المسؤولين في وزارة الخارجية البريطانية لم يأخذوا أمرين مهمين في الاعتبار؛ الأمر الأول هو شخصية الشيخ زايد الذي كان عزمه والتزامه بتحقيق التنمية الشاملة بإجماع كافة الأطراف المعنية قد تجاوز مجرد حدود القول، ليؤكد وجوده الفعلي على أرض الواقع. وفي الأشهر القليلة الأولى من عهده كان من السهل على كل متابع أن يرى عزمه على تشجيع إخوانه الحكام على أمر لا يرضون عنه تمام الرضا، دون أن يكرههم عليه، وهي الصفة التي شكلت الرابط الأساسي للاتحاد الوليد الذي تحقق بعد أعوام قليلة، الأمر الثاني الذي لم يضعه مسؤولو الخارجية البريطانية في اعتبارهم هو أنه على الرغم من احتمال صحة رأيهم من وجهة النظر الاقتصادية تحديداً، فإن ذلك لا ينفي أن رؤيتهم قد أغفلت بعداً سياسياً مهماً للغاية كان يحتل مكانة خاصة في فكر الشيخ زايد، وهو أنه كان يرى أن عملية تطوير أبوظبي ستصبح مثالاً يحتذى للتنمية الشاملة في المنطقة بأسرها، وهو النموذج الذي يمكن تحقيقه إذا ما توافرت الإرادة السياسية. وفي حين صار قرب لام من الأحداث في أبوظبي بصفته المقيم البريطاني فيها يجعله قادراً على فهم التغيرات التي تشهدها، كان من الصعب على رؤساته في لندن أن يتفهموا الواقع الجديد، فقد تلقوا على مدى الأعوام الماضية وعوداً كثيرة بالتطوير والتغيير في أبوظبي، دون أن ينقذ أي منها، لذا كان من الصعب عليهم أن يقبلوا فكرة تولي حاكم جديد لم ينل إلا قسطاً محدوداً من التعليم النظامي،