يتسم قانون العمل الجزائري بخصوصية تنبع من ارتباطه الوثيق بعالم الشغل وفئة العمال، امتدادًا اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا. فبعد دور المذهب الحر المبكر، تدخلت الدولة بقواعد آمرة لحماية العمال. قبل 1990، كانت الدولة متدخلة بشكل كبير، لكن التحولات الاقتصادية والعولمة استلزمت تكيف التشريع مع التفاوض والتعاقد، مع دورٍ حساس للتفاوض الجماعي والمشاركة العمالية. رغم ذلك، بقي تدخل الدولة قائمًا بقواعد آمرة لحماية العمال، مُحدثًا آليات جديدة كالتفاوض الجماعي وحقوقًا دستورية كالحق النقابي والإضراب، مع مشاركة العمال في كافة مراحل العلاقة المهنية، بما كرس الصبغة الاجتماعية للقانون. وبرّر استمرار تدخل الدولة الوضع الناتج عن حل وتصفية مؤسسات عمومية (المرسوم التنفيذي 94/294)، وحماية العمال عبر آليات جديدة كالتأمين على البطالة والتقاعد المسبق. شملت الحركية في عالم الشغل مراجعة قوانين الضمان الاجتماعي والتقاعد، ووضع إطار قانوني لعمال المؤسسات (المرسوم التنفيذي 90/290)، مع تنازل عن أصول مؤسسات عمومية للعمال، مما أدى لتداخل القوانين والقضاء المختص. أدت هذه التحولات لنزاعات مهنية، فنظم المشرّع إجراءات تسوية المنازعات الفردية (القانون 90/04)، مما جعل قانون العمل يُطلق عليه "القانون الاجتماعي" مع اختصاص القضاء الاجتماعي بالفصل في المنازعات. استوجبت التطورات مسايرة التشريع بمرونة وواقعية، كما تتطلب استكمال البنية القانونية عدم إغفال أي جانب، نظراً لأهميته في تنظيم علاقات شريحة اجتماعية واسعة. يبقى موضوع المنازعة الفردية في العمل يثير إشكالات على مستوى التعاطي الداخلي وحدود تدخل مفتشية العمل، ودور مكتب المصالحة، وفعالية القضاء الاجتماعي (مجال القاعدة العمالية، وولاية الجهة القضائية)، مما يستلزم تعديلات ومراجعات على المستويات التشريعية، والتنظيمية، ومستوى المؤسسة والإجراءات الداخلية، ومفتشية العمل، ومكتب المصالحة، والمحكمة الاجتماعية (على مستويات المحكمة الابتدائية، والمجلس القضائي، والمحكمة العليا).