وباجتماعِ النقلِ الصحيح والعقلِ الصريح تُدْرَكُ الحقائق الشرعيَّةُ؛ وبنقصِ واحدٍ منهما تَنْقُصُ المعرفةُ بالحَقّ. فمن عرف قول الرسول ومراده به كان عارفاً بالأدلة الشرعية وليس في المعقول ما يخالف المنقول، ولهذا كان أئمة السنة على ما قاله أحمد بن حنبل: معرفة الحديث والفقه فيه أحب إلي من حفظه، والفقه فيه معرفة مراد الرسول وتنزيله على المسائل الأصولية والفروعية أحب إلي من أن تحفظ من غير معرفة وفقه، وهكذا قال علي بن المديني وغيره من العلماء فإنه من احتج بلفظ ليس بثابت عن الرسول أو بلفظ ثابت عن الرسول وحمله على ما لم يدل عليه فإنما أتي من نفسه. وكذلك العقليات الصريحة إذا كانت مقدماتها وترتيبها صحيحاً لم تكن إلا حقاً لا تناقض شيئاً مما قاله الرسول، والقرآن قد دل على الأدلة العقلية التي بها لم تكن إلا حقاً وتوحيده وصفاته وصدق رسله وبها يعرف إمكان المعاد، ففي القرآن من بيان أصول الدين التي تعلم مقدماتها بالعقل الصريح ما لا يوجد مثله في كلام أحد من الناس". مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية (3 /64 - 65) مختصرا. وهذا التعارض يكون بحسب الظاهر لا في حقيقة الأمر؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرسالة العرشية (1 /35): "ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كله حق يصدق بعضه بعضا، أو من الكشوفات وهو من الكسوفات إن كان ذلك معارضا لمنقول صحيح وإلا عارض بالعقل الصريح،