الانسانية تلك الام الرؤوم التي لاتحابي واحدا من ابنائها دون اخر ولاتميز بين بار وفاجر , ولاتفرق بين مؤمن منهم وكافر وتلك الام معذبة بالويلات والمحن من ويلات الحروب التي اتلفت الملايين الى ويلات الامراض والطواعين الى ويلات الزلازل والبراكين . الانسانية التى لو تمثلت بشرا بقول الشاعر العربي : فلو كان رمحا واحدا لتقيته. ولكنه رمح وثان وثالث عجيب لهذه الانسانية ما كفاها من مصائب الدهر تقاطع ابنائها وتدابرهم , ونصب الحبائل وبث المكائدلبعضهم بعضا . ماكفاها من مصائب الدهر ان يكون في ابنلئجها قوي يستعبد ضعيفا وشريف يستخدم مشروفا . واستغاثت من عباد المادة الحائصين عن الجادة فغاثها انصار الروح والمقدسون للروح والقائلون بخلودالروح واستغاثت من اعداء العقل المفكر وعباد الحس والمحسوس فغاثها الحكماء الربانيون والفلاسفة الاشراقيون واستغاثت من طواغيت الاستبداد وقياصرة الاستعباد فغاثها دعاة الديمقراطية وانصار المساواة والانصاف فما كاد المتنبي واضع الشريعة التمايز بين السادة والعبيد يجف ثراه حتى قيض الله له المعرة ناسخا لتلك الشريعة الجائرة ومبشرا بشريعة الاخوة السمجة.