- أهم كتبه من الناحية المذهبية كتاب «هكذا تكلم زاردشت»، و «أصل الأخلاق وفصلها». وقد عُدّ «هكذا تكلم زرادشت» من عيون الأدب العالمي، وكان مطمع نيتشه أن يكون كتابه بديلاً من الكتاب المقدس وبشارة بالأزمنة الجديدة. فالثقافة الحديثة بحاجة لأن تؤسس على قيم غير تلك التي تلهم المسيحية. وزرادشت البطل الذي بشر به نيتشه هو الإنسان القوي الذي يحطم ألواح القيم القديمة ويستبدل بها بأخرى جديدة تبعاً لمبدأ إرادة القوة الذي وجد فيه نيتشه مفتاح أسرار الحياة كلها. اختص نيتشه ببلاغته العنيفة في هدم المسيحية وسحقها، ونادى بضرورة نسف القيم الدينية جميعاً، وتحطيم كل ما يمكن أن يؤمن به الإنسان؛ وهكذا مهّد نيتشه لمجيء «الإنسان الأعلى وتمجيده» Superman فأعلن موت «الإله» حتى يصبح الإنسان أسمى الكائنات جميعاً. جاهر نيتشه بتطبيق نتائج قانون بقاء الأقوى في مجال الأخلاق، فكانت مهمة نيتشه إقامة الأخلاق على أساس جديد، وانتهى إلى توكيد القوة والكبرياء والأنانية وأحلها محل الطيبة والمسكنة وإنكار الذات، فميز بين نوعين من الناس لكل منهما أخلاقيته الخاصة هما السادة والعبيد. أما أخلاق العبيد: (أخلاق الدهماء، عامة الناس) فهي أخلاق الصبر والحلم والطاعة والتواضع، وقد وجد نيتشه أن أوضح نموذج لأخلاق العبيد هو المسيحية؛ وأمّا أخلاق السادة: فهي الاعتزاز بالقوة، واحترام القسوة والاستخفاف بالرحمة والدعة. وهكذا هدم نيتشه التصور المألوف لمشكلة القيم الأخلاقية حين تصور المثل الأعلى ماثلاً في إرادة القوة، وتتجلى في توكيد الذات والسيطرة على الآخرين،