يُعد الحوار أسلوب التواصل الأمثل، اللغة التي يفهمها العقل ويستعملها العلم، وتتداولها الحضارة. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُجسّد ذلك في مفاوضاته مع قريش في صلح الحديبية، مُظهراً قدرة فائقة في التفاوض. فهو فهم المخالفين (قريش) فهماً عميقاً، وعرف حججهم الفكرية وتصوراتهم، واستوعب سياقات الصلح المعقدة. تميّز هدوءه وثباته أمام شروطهم، مُحقّقاً اختراقاً لمواقفهم مستقبلاً، كتحقيق السلم لمدة عشر سنوات. كما يدل تنازله عن بعض الصغائر دون تغيير الثوابت على قوة تفاوضه، فلم يجد حرجاً في كتابة "باسمك اللهم" بدلاً من "بسم الله الرحمن الرحيم"، أو كتابة "محمد بن عبد الله" بدلاً من "محمد رسول الله"، مُبقيًا على الثوابت، مُجسداً بذلك دبلوماسية عالية في التفاوض.