توطنة لقد عمل النقد الأدبي، منذ أرسطو ومرور بالجاحظ والجرجاني، ووصولا إلى المناهج النقدية الحديثة، على محاولة الكشف عن الأبعاد الحقيقية للعمل الفني وعلاقتها بالواقع. وكان طبيعيا أن يحدث اختلاف في وجهات النظر وطرائق التحليل على اعتبار أن النقد الأدبي يتكأ على خلفيات معرفية متنوعة ومتباينة فمفهوم أرسطو للعمل الإبداعي كان ينطلق من الأسس النظرية للفلسفة المثالية التي كان أحد أعلامها. وانطلق النقاد العرب من خلفية لغوية في نقدهم البلاغي مثل رأي الجاحظ الذي يعطي الأولوية للأسلوب على حساب المعنى، وهذه الخلفية لها ظروفها الخاصة بها في الثقافة العربية في العصر الأموي والعباسي والنقاد المعاصرون، الغربيون على الخصوص، وانطلقوا من المفاهيم الأساسية للعلوم الحديثة مثل الأنثروبولوجيا والمدارس الفلسفية الحديثة وعلم اللسانيات وعلم الاجتماع وعلم النفس والتحليل النفسي وغيرها من العلوم. وقد أدى تركيز هذه الاتجاهات على مظهر محدد ومعزول من العمل الفني - كتركيز المنهج التاريخي على المضمون وتركيز الشكلانية على الشكل إلى حدوث خلل في منظومتها الإجرائية انجر عنه تقزيم لأبعاد النص وإسقاط المفاهيم نظرية مسبقة عليه فكانت النتائج التي توصلت إليها هذه المناهج تعوزها الدقة العلمية في معظم الأحيان.