علم التجويد يعرّف التجويد لغةً بأنه جعل الشيء جيِّداً، وجوَّد القراءة: أي جاء بها خاليةً من الرداءة في النطق، وقد عرَّفه الإمام ابن الجوزي اصطلاحاً فقال: هو "إعطاء الحروف حقوقها، وإرجاع كل حرفٍ إلى مخرجه وأصله، وتلطيف النطق به على حال صيغته وكمال هيئته، ١] جوانب تعلم تجويد القرآن الكريم يقوم تعلّم تجويد القرآن الكريم على جانبين، وهما على النحو الآتي:[٢] الجانب النظري: يتعلّق الجانب النظري لعلم التجويد بالأحكام والقواعد التي وضعها أهل العلم في كتب تعلّم أحكام التجويد؛ كأقسام المدود وأزمنتها، وكذلك أحكام الحروف من حيث الإظهار، وغير ذلك من الأحكام والقواعد التي شُرحت، وبُسط الكلام عنها في كتب علم التجويد. الجانب العملي: ويُسمّى بالجانب التطبيقي، ولا أن يُتقنه إلا بأخذ أحكام التجويد ومشافهتها على قارئٍ مشهودٍ له بإتقان أحكام تجويد القرآن الكريم معرفةً وتطبيقاً؛ والجانب التطبيقي يقي المتعلم عن اللحن والتصحيف في القراءة. أحكام علم التجويد تنقسم أحكام التجويد إلى أنواعٍ عديدة، وبيان ذلك فيما يأتي:[٣] أحكام الاستعاذة والبسملة: الاستعاذة سنّةٌ مستحبّة، وهي مطلوبةٌ عند تلاوة كتاب الله -تعالى- على الرغم من أنها ليست منه، وذهب بعضهم إلى أنها واجبةٌ خصوصاً عند بداية التلاوة، سواءٌ كانت بداية التلاوة من أول السورة أو من آخرها، والدليل قوله تعالى: (فَإِذا قَرَأتَ القُرآنَ فَاستَعِذ بِاللَّـهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ)، فهي قول "بسم الله الرحمن الرحيم"، وتجب قراءتها عند الإمام حفص في بداية كل سورةٍ إلا سورة التوبة. أحكام النون الساكنة والتنوين: للنون الساكنة أو التنوين في حالة الرفع، وهي على النحو الآتي: الإدغام: يُعرّف الإدغام في اللغة: بأنه إدخال الشيء في الشيء، أمَّا اصطلاحاً: فهو التقاء حرفٍ ساكنٍ، بحيث يصيران حرفاً مشدّداً كالثاني، ويرتفع اللسان عند الإتيان به ارتفاعةً واحدة، وتُدغم النون الساكنة أو التنوين إذا وقع بعدها أحد الأحرف الآتية: الياء، وقد جُمعت في كلمة (يرملون)، وينقسم إلى إدغامٍ ناقص، قال الله -تعالى- في سورة البقرة: (أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ). ٥] الإقلاب: يأتي الإقلاب في اللغة بمعنى تحويل الشيء عن وجهه، أمَّا اصطلاحاً: فهو قلب النون الساكنة أو التنوين ميماً مع مراعاة الغنّة، وللإقلاب حرفٌ واحدٌ؛ كقول الله تعالى: (يُنبِتُ)، كقوله تعالى: (سَمِيعٌ بَصِيرٌ). ٧] الإظهار: الإظهار في اللغة بمعنى البيان، أمَّا اصطلاحاً: فهو إخراج الحرف من مخرجه من غير غنّة، وأحرف الإظهار ستة، فتُلفظ النون الساكنة أو التنوين من غير غنّة مع إظهار الحرف الذي بعدهما مستقلاً عنهما، كقوله تعالى: (كُفُوًا أَحَدٌ). ٨] الإخفاء: الإخفاء لغةً: الستر، أمَّا اصطلاحاً: فهو النطق بحرفٍ ساكنٍ غير مشدّدٍ، ويكون على صفةٍ بين الإظهار والإدغام، مع بقاء الغنّة في الحرف الأول بمقدار حركتين، ومثاله قوله تعالى: (عَن صَلَاتِهِمْ). ٩] أحكام الميم الساكنة: للميم الساكنة ثلاثة أحكام، وهي على النحو الآتي: الإدغام الشفوي: وهو أن تدغم الميم الساكنة في في ميمٍ مثلها متحركة واقعة في بداية الكلمة الثانية، ويُسمّى إدغاماً شفوياً أو متماثلاً، الإخفاء الشفوي: وهو أن تُخفى الميم إذا وقع في أول الكلمة التي بعدها حرف الباء. الإظهار الشفوي: هو إظهار الميم إذا وقع بعدها أي حرفٍ من حروف الهجاء عدا الميم والباء، وتكون أشدّ إظهاراً مع الواو والفاء. أحكام الميم والنون المشدّدتين: تجب الغنة في الميم والنون المشدّدتين في حالة الوصل والوقف، وسواءٌ وقعت في وسط الكلمة أو في آخرها، أحكام الإدغام: وهو إدخال حرفٍ ساكنٍ بحرفٍ متحركٍ بعده، وذلك بحذف الساكن وتشديد المتحرك، وهي على النحو الآتي: إدغام المتماثلين: وهو أن يكون الحرفان متتاليان متّحدين في المخرج من الفم، سواء وقعا في كلمةٍ واحدةٍ أو في كلمتين متتاليتين. إدغام المتجانسين: وهو أن يكون الحرفان المتتاليان متّحدين في المخرج من الفم، إدغام المتقاربين: وهو تقارب الحرفان المتتاليان في المخرج والصفة، أحكام التفخيم والترقيق: التفخيم لغةً هو التسمين والتغليظ، واصطلاحاً: فهو حالةٌ من القوة والسمنة تلحق الحرف عند النطق به، أمَّا الترقيق في اللغة فهو التنحيف، واصطلاحاً: حالة من الرِّقة والنحافة تلحق الحرف عند النطق به، فلا يمتلئ الفم بصداه. ١٠] أحكام مخارج الحروف وصفاتها: يبلغ عدد مخارج الحروف سبعة عشر مخرجاً، وترجع أصول المخارج إلى خمسة مخارجٍ رئيسية، أمَّا صفات الحروف ففائدتها التمييز بين الحروف المشتركة في المخرج الواحد، ١١] أحكام الوقف والابتداء: تنقسم أحكام الوقف والابتداء إلى قسمين، وهما كالآتي:[١٢] الوقف: الوقف لغةً؛ أمَّا اصطلاحاً: فهو قطع الصوت عن القراءة زمناً يسيراً للتنفس فيه ثمّ معاودة القراءة، والوقف جائزٌ ما لم يوجد ما يمنعه أو يلزم الوقف، ويكون في وسط الآيات أو عند رؤوسها، ولا يكون في وسط الكلمة، وهي: الوقف الاضطراري: وهو ما يعرض للقارئ أثناء قراءته من عطاسٍ، الوقف الاختباري: وهو الوقف الذي يكون في مقام التعليم، الوقف الانتظاري: وهو الوقف الذي يُريد فيه القارئ أن يجمع أكثر من روايةٍ من القراءات. الوقف الاختياري: وهو أن يقف القارئ على الكلمة القرآنية بمحض إرادته، الابتداء: يُعرف الابتداء بأنه الشروع في بدء القراءة، ويأتي الابتداء على نوعين، وهما: نوعٌ جائز في ابتداء القراءة: وهو ابتداءٌ حسنٌ بكلامٍ مستقلٍ، بحيث يؤدّي معناً تامّاً أراده الله تعالى. نوعٌ غير جائز في ابتداء القراءة: وهو ابتداءٌ قبيح بكلامٍ يُفسد المعنى، حكم التجويد ذهب علماء التجويد إلى أن حكم تعلّم أحكام التجويد فرض كفاية؛ أي إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، أمَّا حكم تطبيق أحكامه أثناء قراءة القرآن فهو فرض عينٍ، ولهذا يقول الإمام ابن الجزري رحمه الله: وممّا لا خلاف فيه أن الأمّة الإسلامية مطالبةٌ بفهم معاني القرآن الكريم، وإقامة حدوده التي فرضها الله -تعالى- فيه، وهي مطالبةٌ كذلك بتصحيح النطق بحروف القرآن وإقامتها على هيئتها المنقولة إلينا عن طريق عن أئمة القراءات الموصولة بالنبي صلى الله عليه وسلم، باللغة العربية الفصيحة التي لا يجوز مخالفتها، وينبغي على القارئ لكتاب الله أن يقرأه بدون تكلفٍ أو تعسف،