الملائكة عالم غيبي كريم خلقهم اللّٰه عز وجل من نور، وحباهم بالعديد من القوى والصفات الحميدة، وجعلهم مجبولين على طاعته والتذلل له وعدم عصيان أوامره والإيمان بالملائكة هو الأصل الثاني من أصول الإيمان ، ومن الواجب على كل مسلم أن يصدق تصديقا جازما بوجود الملائكة، ءَامَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلُّ امَنَ بِاللَهِ وَمَلَئِكَتِهِ وَكُنُهِ وَرُسُلِهِ) [البقرة: ٢٨٥] وقال رسول اللّٰه ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر» (١). أولا : صفاتهم الخَلقية: 1. مادة الخلق التي خلق منها الملائكة هي النور ويدل على ذلك قول الرسول صل الله عليه وسلم : ( خُلِقَتْ المُلائِكَةُ مِنْ نُورِ، وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارِ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ» (٣). 2. لم يرد في النصوص الشرعية ما يدل على تحديد الوقت الذي خلق فيه الملائكة، 1. وخلق الملائكة خلق عظيم جدا من حيث القوة، وقد وصف اللّٰه ملائكة النار بأنهم غلاظ شداد فقال سبحانه: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَئِكَةُ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) [التحريم: ٦]، وقد أخبرنا اللّٰه تعالى أن للملائكة أجنحة وأنهم متفاوتون في عدد تلك الأجنحة، 2. أما عن جمال منظرهم وحسن هيئتهم فيكاد هذا الأمر أن يكون من الحقائق المقررة في أذهان البشر، ومما يشهد لذلك ما حكاه اللّٰه عن النسوة اللاتي دعتهن امرأة العزيز لرؤية يوسف عليه السلام، حيث قلن عندما بهرن بحسنه وجماله الفائق: (حَشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) [يوسف: ٣١] ٤- وقد وهب اللّٰه الملائكة القدرة على التشكل في صور مغايرة لهيئتهم الأصلية ومنها الصورة البشرية، وقد ورد في القرآن والسنة نماذج كثيرة لذلك منها مجيئهم لإبراهيم عليه السلام على هيئة أضياف فبادر لإكرامهم. ٥- والأصل أن مساكن الملائكة ومنازلهم في السماء، وإن كانوا يتنزلون منها تنفيذا لما يأمرهم اللّٰه تعالى به، ويدل على ذلك قوله تعالى ( تَكَادُ السَّمَٰوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ) [الشورى: ٥] ٦- والملائكة يختلفون عن الإنس والجن في أنهم لا يأكلون ولا يشربون، ويدل على ذلك ما ورد في قصة مجيئهم لإبراهيم عليه السلام كي يبشروه بغلام عليم قال تعالى: ( فَلَمَّا رَءَآ أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةٌ قَالُوا لَا تَخَف إِنَّا أُرْسِلْنَآ إِلَى قَوْمٍ لُوطٍ ) [هود: ٧٠]. كذلك لا توصف الملائكة بالذكورة أو الأنوثة، كما هو الحال عند الجن والإنس، ثانيا : صفات الملائكة الخُلقية: ١٥]. 2. والملائكة طائعون لله طاعة تامة: (لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) [التحريم: ٦] ولا يمكن لأحد منهم أن يسبق اللّٰه بقول أو فعل. 1. والملائكة في عبادة دائمة وتسبيح لا ينقطع دون أن يصيبهم سأم أو ملل كما قال سبحانه:( يُسَبِّحُونَ ٱلَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ) [الأنبياء: ٢٠] ٤- والملائكة منظمون في كل شئونهم من عبادة وغيرها، وهم لا يتقدمون ولا يتأخرون عن الموضع أو المقام الذي أمرهم اللّٰه به كما قال سبحانه: (وَمَا مِنَّآ إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافّونَ )[الصافات: ١٦٥ ، ١٦٤] كذلك من صفات الملائكة أنها تستحي استحياء يليق بحالها، أسماء الملائكة الذين أخبرنا اللّٰه بهم: ومن الملائكة الذين وردت أسماؤهم في القرآن أو السنة الصحيحة: جبريل وميكال (أو ميكائيل) عليهما السلام، حيث قال سبحانه: (مَن كَانَ عَدُوًا لِلَّهِ وَمَلَئكَتِهِ، وَرُسُلِهِ، وَجِبْرِيلَ وَمِيكَـلَ فَإِنَّ اللَّه عَدُوٌ لِلْكَفِرِينَ ) [البقرة: ٩٨] وكذلك إسرافيل عليه السلام حيث كان من دعاء النبي صل الله عليه وسلم في قيامه بالليل: اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)» (٣). ومنهم أيضا: مالك خازن النار، والذي ورد ذكره في قول اللّٰه تعالى: (وَنَادَوْا يَامَلِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مكثون) [الزخرف: ٧٧] ومنكر ونكير وهما الملكان الموكلان بسؤال القبر، وهاروت وماروت الملكان اللذان ورد ذكرهما في قوله تعالى: (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَنُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَآ أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَرُوتَ وَمَرُوتَ ) [البقرة: ١٠٢] وظائف الملائكة (٣) : ١- أعظم وظائف الملائكة السفارة بين اللّٰه ورسله، والنزول بالوحي ورسالة اللّٰه إلى أهل الأرض، كما قال تعالى: ( يُنزِلُ الْمَلَئكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِده عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَاْ فَاتَّقُونِ) [النحل: ٢] والملك الموكل بهذه المهمة هو أفضل الملائكة وأمين الوحي جبريل عليه السلام