المبحث الثاني: المسؤولية المدنية والجزائية للمحافظ العقاري والمسؤول عن حسن سير عملها وإدارتها، فقد خصه المشرع الجزائري بعدة مهام في المجال الإداري والتنظيمي. في حال ارتكابه لأخطاء أو أفعال مخالفة للقوانين والتعليمات (التنظيمات) السارية في مجال عمله، كما أن هناك مسؤوليات مدنية وجزائية تُعدّ من قبيل المسؤولية القانونية، والتي تقوم متى ما ألزم القانون – سواء كان مدنيًا أو جزائيًا أو غيره – شخصًا ما بتعويض الضرر الناتج عن الفعل غير المشروع، وللتفصيل في نوعي المسؤولية (المدنية والجزائية)، وقُسِّم إلى مطلبين متتاليين: المطلب الأول: المسؤولية المدنية للمحافظ العقاري بما أن المحافظ العقاري موظف عمومي يخضع لأحكام القانون رقم 06-03 المتعلق بالوظيفة العمومية، تترتب عليه مسؤوليات قانونية في حال ارتكابه لأخطاء تجاه الغير. ومن أبرز هذه المسؤوليات: المسؤولية المدنية، والتي تهدف عادة إلى تعويض المتضرر عن الضرر الذي لحق به. وقد قسمنا هذا المطلب إلى فرعين: • الفرع الأول: تعريف المسؤولية المدنية. • الفرع الثاني: الآثار المترتبة عن المسؤولية المدنية، والتي تأخذ شكل دعوى تعويض. الفرع الأول: تعريف المسؤولية المدنية تقوم المسؤولية المدنية للمحافظ العقاري في حال ارتكابه لخطأ أثناء ممارسته لمهامه، وقد أجمعت التشريعات والفقه على أن كل موظف أو شخص يمارس مهنة منظمة قانونًا يمكن أن تترتب عليه مسؤولية مدنية، وتنقسم المسؤولية المدنية إلى مسؤولية تقصيرية ومسؤولية عقدية. فهو المادة 124 من القانون المدني الجزائري، ولا تقوم المسؤولية التقصيرية إلا بتوافر ثلاثة أركان: وفقًا للقاعدة المدنية "البينة على من ادعى". 3. العلاقة السببية: وهي الرابطة بين الخطأ والضرر، ويشترط ألا يكون هناك سبب أجنبي يقطع تلك العلاقة، قد يكون هناك ترابط بين المسؤوليتين الإدارية والمدنية، بحيث يمكن للدولة أن تحل محل المحافظ في تعويض المتضرر، خاصة عند تداخل الأسس القانونية التي تُبنى عليها المسؤولية. الفرع الثاني: الآثار المترتبة عن المسؤولية المدنية بما أن المسؤولية المدنية تُلزم من ألحق الضرر بالغير بجبره، وقد فُصل هذا الفرع إلى نقطتين رئيسيتين: أولًا: دعوى التعويض المدني دعوى التعويض تُعد من الدعاوى القضائية التي تُرفع أمام الجهات القضائية المختصة، وفقًا للإجراءات والشروط المنصوص عليها في المواد من 08 إلى 80 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية. ويهدف المتضرر من خلالها إلى الحصول على تعويض لجبر الضرر. ويمكن تعريف التعويض على النحو التالي: "هو المقابل الذي يُطالب به المتضرر نتيجة الخطأ الواقع، ويكون التعويض وفقًا للقاعدة العامة في شكلين: 1. التعويض العيني: أي تنفيذ الالتزام كما هو، وهو شائع في المسؤولية العقدية، وقد يحدث في بعض حالات المسؤولية التقصيرية إذا أمكن التنفيذ العيني. 2. التعويض النقدي: وهو الأكثر شيوعًا، ويُستخدم عندما يتعذر التنفيذ العيني، وأكدت المادة 182 من القانون المدني أن: ثانيًا: تقدير التعويض يُجوز لطرفي العقد الاتفاق مسبقًا على مقدار التعويض، كما نصت على ذلك المادة 183 من القانون المدني. بناءً على طلب المدين أو المتسبب في الضرر، كما ورد في الفقرة الثانية من المادة 130 من القانون المدني. فالأمر يُترك للقاضي ليقدّره بناءً على جميع الأضرار والخسائر الفعلية، أما في ما يخص تقدير التعويض في نظام السجل العيني (الذي يخضع له المحافظ العقاري)، فإن بعض الأنظمة تنشئ ما يُسمى بـ"صندوق ضمان السجل العيني"، يُموّل من نسبة تُضاف إلى رسوم التسجيل. تسقط دعوى التعويض المدنية بمضي 15 سنة، وذلك وفقًا لنص المادة 88 من القانون المدني. المطلب الثاني: المسؤولية الجزائية للمحافظ العقاري يمكن أن يقوم بعمل مخالف للقانون أو أن يرتكب خطأً إجراميًا (جزائيًا) يتسبب في ضرر للغير، فتُعرف الجريمة على أنها: كل عمل غير مشروع يقع على الإنسان في نفسه، أو على المجتمع ومؤسساته ونُظمه السياسية والاقتصادية، وعليه، فقد قسمنا هذا المطلب إلى فرعين هما: خاصة المسؤولية الشخصية. ________________________________________ في هذا الفرع، قمنا بتعريف المسؤولية الجزائية كما يلي: أولًا: تعريف المسؤولية الجزائية بل هي نتيجة من نتائجها القانونية، وتقوم هذه المسؤولية على ركنين أساسيين: الخطأ والأهلية. أو جناية. وذلك مراعاة لأحكام قانون الإجراءات الجزائية. وإذا كان الخطأ الجسيم الذي يرتكبه المحافظ العقاري يُعتبر خطأً شخصيًا ذا طابع جزائي، كما هو الحال مثلًا في جريمة التزوير في الوثائق، فإنه لا يُتصور أن تحل الدولة محله في تحمّل العبء الجزائي. ثانيًا: تمييز المسؤولية الجزائية عن المسؤولية الشخصية بشكل عام، تبدأ عندما يدرك الإنسان أنه المسؤول الأول عن الأفعال التي تصدر عنه، فكل شخص مسؤول عن حياته وتصرفاته فقط، وتُعرّف المسؤولية الشخصية للمحافظ العقاري على أنها الفعل غير المشروع الذي يرتكبه، وكان هدفه تحقيق أغراض شخصية. وبذلك، والتي يُفهم من مضمونها أن كل فعل يرتكبه الشخص ويترتب عليه ضرر للغير، يستوجب تعويضًا لجبر ذلك الضرر. ________________________________________ أولًا: الدعوى العمومية ولا تقتصر على الجهات القضائية فقط، فإن النيابة العامة، ويمكن، خصوصًا في الجرائم المالية أو ما شابهها. من حيث تكييف الوقائع وضبط التكييف القانوني للواقعة المرتكبة. وتُعد العقوبة الصادرة وفقًا للقانون سببًا لانقضاء هذه الدعوى، 8 و9 من قانون الإجراءات الجزائية. ________________________________________ ثانيًا: الدعوى المدنية بالتبعية ضد المتهم المسؤول عن الحقوق المدنية أمام القضاء الجنائي، وذلك لجبر الضرر الناتج عن الجريمة التي ارتكبها المتهم. وهناك من الفقه من يراها دعوى تابعة للدعوى العمومية، يُطلب من خلالها التعويض عن الضرر الناشئ عن الفعل الإجرامي. تتجلى في أن كلًا منهما ينشأ عن الواقعة ذاتها (الفعل الإجرامي)، كما أن الحكم فيهما غالبًا ما يصدر في آنٍ واحد. تقوم الدعوى المدنية بالتبعية على عنصرين أساسيين: 1. الأطراف: حيث يشترط أن يكون المدعى عليه هو ذاته الذي وُجهت له الدعوى العمومية. 2. الضرر: وهو الأساس في قيام الدعوى المدنية بالتبعية.