من قضايا المقام تعرية التحول القيمي والانقلاب المفاهيمي في مجتمع الهمذاني: ومن ذلك تراجع مكانة الأدب ومنزلة الأدباء في عصر لا يعتد إلا بالمال ولا قيمة فيه إلا لأصحاب الجاه والثروة. ذلك أن من أبرز مظاهر التغيير التي توسعت في ذكرها المقامة والحث عليها مختلف نصوصها هي قيام سلطان المال وسيطرة مفهوم القيمة المادية بوصفها العيار الذي يتحكم في السلم الاجتماعي. والفقر في زمن اللنا رغب الكرام إلى اللنا الدفاع عن القيم الأصيلة التي تراجعت في عصره : م لكل ذي كرم علامة م وتلك أشراط القيامة والمزاوجة بين النثر والشعر، يجمع في ذاته الوجوه كلها: أديبا ومكنيا، حكيما ومجنونا، فهل يمكن أن نعتبر عودة الهمذاني إلى الشجع - وهو أول أشكال النثر الفني لدى العرب والبداية الأولى للشعر عندهم - رجوعا إلى بلاغة القدم وقيم الماضي الفنية حنينا إلى زمن القيم الأصيلة المفقودة في عصره المأزوم؟ ولعلها تدعو إلى الحلم ببلغاء يُرسلون الدر من أفواههم إرسالا، فكان يأتي منها الأعراب ويتكلمون بداهة فيسخرون الألباب. وفسد التمييز فيه بين الحق والباطل بين الجميل والقبيح، لكنه دحض خفيف الظل". ويقول في موضع آخر نجد المقامات بعضها لا يكاد يفهم بمعزل من هذا البديع الذي يؤلف - في جوهره - حيرة ساخرة أو سخرية حائرة أو تلفيقا لا يكاد يستغنى عنه البديع صدى القسوة الحياة، أو صدى وإذا كان الشعر آية الثقافة القديمة، فالسجع آية ثانية تعيد إلى الذهن هذا أو تخيل إليهم ما يمكن أن تتسامى إليه . ولذلك ذهب الناقد إلى أن المقامات مسكونة بشوق إلى الثقافة القديمة،