تعيين قضاة المحكمة الاتحادية العليا وفقاً لقانون إدارة الدولة لسنة 2004 يُشكل قاضي المحكمة الاتحادية العليا العنصر الأساس والجوهري الذي تقوم عليه المحكمة الاتحادية العليا، وبالتالي لا يمكن أن تقوم المحكمة الاتحادية دون وجود قضاة متخصصين يباشرون المهام الموكلة إليهم والمحددة دستورياً، ومن أجل الحديث عن قضاة المحكمة الاتحادية العليا، لابد لنا من التطرق عن آلية تشكيل المحكمة الاتحادية والأساس القانوني لها. يمثل قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الإنتقالية وملحقه، التشريع الاول الذي أسس لإنشاء محكمه اتحادية عليا، 2004: العدد3986 ( آلية تشكيل المحكمة الاتحادية العليا، واختصاصاتها وعدد أعضائها، 3981(وبناءاً على ذلك تم صدور قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنه 2005، وذلك إعمالاً لحكم المادة (44) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الإنتقالية، حيث جاء في المادة الأولى من قانون المحكمة الاتحادية العليا ما نصه " تُنشئ محكمة تسمى المحكمة الاتحادية العليا، لا سلطان عليها غير القانون "، أما المادة الثانية فقد جاء فيها 2005: العدد 3996). وتجدر الإشارة الى أن قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية جعل المحكمة الاتحادية من ضمن تشكيلات مجلس القضاء الأعلى، حيث جاء فيها104يتم إنشاء مجلس أعلى للقضاء، ويتولى دور مجلس القضاة، ويدير ميزانية المجلس، يتشكل هذا المجلس من رئيس المحكمة الاتحادية العليا، رئيس ونواب محكمة التمييز الاتحادية، ورؤساء محاكم الاستئناف الاتحادية، ورئيس كل محكمة أقليمية للتمييز ونائبيه، يترأس رئيس المحكمة الاتحادية العليا المجلس الأعلى للقضاء، 2004: المادة (45).ويلاحظ من خلال ما ورد في نص المادة (45) من قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية، بأن رئيس المحكمة الاتحادية العليا هو رئيس مجلس القضاء الأعلى، ويرى جانب من فقهاء القانون الدستوري بأن ذلك يؤثر في حياد القاضي الدستوري، وذلك عندما يكون مجلس القضاء الأعلى طرفاً في الدعوى المقامة أمام المحكمة الاتحادية العليا، 2020: 85).وفيما يخص تشكيل المحكمة الاتحادية العليا، فقد تناولته المادة (44/هـ) من قانون إدارة الدولة حيث تناولت آلية تشكيل المحكمة وعدد قضاتها وطريقة أختيارهم، حيث تتكون المحكمة الاتحادية العليا من رئيس وثمانية قضاة، يتم أختيار هؤلاء القضاة من خلال ترشيح عدد من القضاة من قبل مجلس القضاء الأعلى، بحيث لا يقل عددهم عن (18) قاضياً، ولا يزيد على (27) قاضياً، يقوم مجلس القضاء الأعلى وبالتشاور مع المجالس القضائية للأقاليم بترشيح القضاة، ومن ثم يقوم مجلس الرئاسة بتعيين أعضاء المحكمة وتسمية أحدهم رئيساً لها، وفي حال تم رفض أي تعيين يقوم مجلس القضاء الأعلى بترشيح مجموعة جديدة من (ثلاثة أعضاء ، 2004: المادة 44/هـ؛ قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم 30، 2005 : المادة (3) وبناءاً على ما تقدم، فإن مجلس الرئاسة هو الجهة المختصة بتعيين قضاة المحكمة الاتحادية العليا، ولكن يشترط أن يصدر قرارها بالإجماع، وذلك استناداً إلى نص المادة (36/ج) من قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية، 2004 : المادة 36/ج و 44/هـ). حيث قام رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي (مدحت (المحمود بالإعلان عن فتح باب الترشيح لعضوية المحكمةالاتحادية العليا، والتي أسفرت في نهاية الأمر عن ترشيح (27) قاضياً لرئاسة وعضوية المحكمة الاتحادية العليا، 2007: 39-40).105ويشير بعض فقهاء القانون الدستوري إلى أن المشرع العراقي حسناً فعل عندما حدد أعضاء المحكمة الاتحادية العليا في قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، وأن ذلك له أثر إيجابي يتمثل بتفادي قيام السلطة التشريعية لأي سبب بتعديل عدد قضاة المحكمة الاتحادية زيادة ونقصاً من خلال تشريعها لقانون المحكمة (الشافعي، 2012: 12).أما ما يخُص مُدة العضوية لقاضي المحكمة الاتحادية العليا فنجد أن قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية لعام 2004 ، لم يرد فيه نصاً يُبين مدة العضوية، كما أن قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005، لم يتطرق الى تحديد مدة العضوية لقضاة المحكمة، وإنما قرر أستمرار قاضي المحكمة الاتحادية العليا بالخدمة، علماً إن قانون إدارة الدولة لم يشير إلى ذلك في نصوصه (عمر، 2017: 444).وهذا ما أكدت عليه المادة (6 (ثالثاً) من قانون المحكمة الاتحادية العليا، حيث ورد فيها " يستمر رئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية العليا بالخدمة دون تحديد حد أعلى للعمر، إلا إذا رغب بترك الخدمة ، ويرى جانب من الفقه بأن ترك قضاة المحكمة الاتحادية العليا دون تحديد سن قانوني للخدمة أمر غير مُحبّذ، من شأنها أن تؤثر سلباً في أداء عملهم بالشكل المطلوب (الشافعي، 2012: 12). وفيما يخص الشروط التي يجب توافرها في قضاة المحكمة الاتحادية العليا، نجد أيضاً أن قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية وقانون المحكمة الاتحادية العليا لم يتطرقا إلى تحديد شروط العضوية المحكمة الاتحادية العليا، حيث خلت نصوصهما من أي إشارة إلى تحديد شروط العضوية، وهذا يدل على فتح الأفق إتجاه ترشيح أشخاص قد لا تتوفر فيهم الكفاءة والخبرة اللازمة لعضوية المحكمة الاتحادية العليا (أحمد، 2017: 14).ويشير بعض فقهاء القانون الدستوري إلى ضرورة أن يتضمن قانون المحكمة الاتحادية العليا نصوصاً صريحة تُحدد بموجبها شروط العضوية، كتلك التي تتعلق بشرط الجنسية والمواطنة، بالإضافة الى تحديد سن معين للترشيح الزبيدي، 2010: 218).من قانون إدارة الدولة، والذي يفترض أن لا يتعارض معه، حيث نجد أن الإستقلال المالي والإداري المنصوص عليه في المادة (2) من قانون المحكمة الاتحادية العليا لم يتحقق، فضلاً عن كونه لم يرد النص عليه قانون إدارة الدولة، فمن الناحية المالية نجد أن مجلس القضاء الأعلى هو من يدير شؤون ميزانية المجلس، كما أن مجلس القضاء الأعلى هو الذي يُشرف على القضاء الاتحادي والتي تُعتبر المحكمة الاتحادية العليا جزءاً منه، كما أنه هو الذي يقوم بترشيح قضاة المحكمة الاتحادية العليا بالتشاور مع المجالس القضائية للأقاليم ، وبناءاً على ذلك لم يتحقق الإستقلال المالي والإداري) للمحكمة الاتحادية العليا، ونرى أن ما جاء في نص المادة (2) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم 30 لسنة 2005، يتعارض مع ما جاء به قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية،