تم احتالل مدينة الجزائر من قبل فرنسا فكان هذا الحدث بمثابة الشرارة األولى لما سوف يصبح مشروعا استعماريا يسعى إلى السيطرة على مجموع بالد المغارب. وأمام انفتاح شهية بعض الدول األوروبية المنافسة مثل بريطانيا وإسبانيا، بادرت فرنسا إلى وضعهما أمام األمر الواقع حيث أقدمت على الشروع في غزو بقية القطر الجزائري، فلم يبق أمامهما سوى الحيلولة دون انفرادها باحتالل المغرب. وبصفتها دولة رائدة على المستويين الصناعي والتجاري، ترتبط بحضورها الوازن في الحوض المتوسطي بفضل امتالكها لصخرة جبل طارق منذ 1704م؛ وبالتالي وعرقلة كل ما يمكن أن يغير من الوضع القائم أو ي فضي إلى انفراد أي دولة أجنبية بالسيطرة على أراضيه. حرصها باستمرار، وإلى حدود عام 1904م، على عالقات سلمية مع جميع الدول األجنبية وتفادي الدخول معها في أي مواجهة عسكرية ولو تطلب األمر تقديم بعض التنازالت عند االقتضاء. أما فيما يخص إسبانيا، وهي التي كانت دون مستوى كل من فرنسا وبريطانيا من حيث القوة الصناعية والعسكرية، الفعلي فوق أجزاء متقطعة من التراب المغربي تتمثل في مدينتي سبتة ومليلية وجملة من الجزر الصغيرة بعرض البحر المتوسط. ونظرا لهذا الوضع، فإن هذه الدولة قد نهجت سياسة متذبذبة، تتأرجح بين التدخل العسكري والتفاوض السلمي، وفق ما كانت تمليه الظرفية األوروبية. ومهما اختلفت استراتيجية كل دولة من هذه الدول الثالث المهتمة بالمغرب منذ وقت باكر، فقد كان