يعود الطرحُ إلى طلبٍ قدّمته السلطةُ الفلسطينية خريف العام 2011، ولم يُنظَر وقتها مُقابل التعويض عنه بمَنحِها صفةَ «دولة مُراقب غير عضو» فى العام التالى. ومع تطوُّرات المحنة الإنسانية ما بعد «طوفان الأقصى» والعدوان الغاشم على القطاع؛ جدَّد الرئيس محمود عباس أوائل أبريل الجارى رغبةَ بلده فى بحث المطلب المُعلَّق، ليُحيله المجلس فى اليوم نفسه إلى لجنته الدائمة المعنيّة بالعضوية، ويتقرَّر أن يكون التصويت عليه الخميس؛ بينما لم تُوفّر البعثة الأمريكية ومسؤولو الإدارة فى واشنطن فرصةً للتلويح بإحباط الخطوة، تأسيسًا على زَعمٍ بأنّ فاعلية الحلّ السياسى يُشتَرَط أن تأتى عبر مفاوضاتٍ مُباشرة بين طرفى النزاع، ما يُرجِّح الضغط على الأعضاء لتقويض الأغلبية المطلوبة، وفى أحسن الأحوال أن تتركَ القرار يمرّ ثمّ تضعه فى خزائن الأرشيف، لا سيّما أن مواد النظام الداخلى لا تضعُ سقفًا زمنيًّا لتحريك الملف إلى الجمعية العامة. إذ العرضُ على لجنة العضوية مُجرّد خطوة إجرائية لا تتوقَّف عند المواءمات السياسية ولا يحكمُها شيطانُ التفاصيل، والمُعتاد أن تمرّ المُقترحات من خلالها للتصويت؛ خاصةً أنّ الأصوات فيها مُتساوية ولا إمكانية لتفعيل الفيتو «حقّ النقض». وحاليًا تعترفُ 7 دول بفلسطين، ووقَّعت مالطا وسلوفينيا إعلانًا مُشتركًا مع إسبانيا وآيرلندا باستعدادهم للاعتراف؛ ما يعنى توافر الأغلبية المطلوبة لعبور المشروع محطّته الأُولى. ومنذ العام 1976 لم يُرفَض أىُّ طلبٍ لإضافة عضو جديد. أن يحصُل المُتقدِّم على موافقة تسعةٍ من إجمالى خمسة عشر دون اعتراض أىٍّ من الخمسة دائمى العضوية، وفى الجمعية العامة يتطلَّب ثُلثى الأعضاء. والحال اليوم أن فلسطين مُعترَف بها من نحو 139 دولة: 138 منحوها صفةَ المُراقب، وأُضيفت لهم السويد فى العام 2014، فضلاً على إشارات إيجابية عدّة من بعض الدول بالجاهزية للاعتراف، على أمل تحريك القضية وإنهاء حالة الانسداد التى تتشبَّث بها إسرائيل وتتربَّح منها. ما يعنى أنَّ الحصّة المطلوبة فى الهيئة الأُمّ مُتحقِّقة بالفعل؛ فلن تُغامر إدارة بايدن بإلقاء الكُرَة إليها، مع انعدام فُرَص الضغط وتحويل إرادة الداعمين للفكرة. وهكذا يُرجَّح إفسادُ المُقاربة من منبعها، وفى أحسن الظروف أن يسمح الأمريكيون بنصرٍ معنوىّ عبر السماح بتمرير القرار؛ ثمّ تفريغه من مضمونه بالتجميد وقطع الطريق على انتقاله من القاعة الأمنية الصُّغرى للبهو الأُمَمىّ الفسيح.