لقسم الأول - ماذا سيعمل المتحدث على مهله ( 1 - 14 ) : يقول المتحدث وهو مملوء بالثقة والقدرة على الإنتاج والتحصيل العلمي : إن أول عمل سيعمله هو سحب خيط الضوء وبالقوة ( أشدّ ) خيط قوي متين من ظلام الليل . ونذكر اننا حين عرضنا لمحة بسيطة عن خصائص شعر توفيق زياد اكدنا أنه شاعر استنهاض همم واستنبات قوى الشعب الكامنة ، والتي يؤمن بانها لم تندثر ، وإنما هي متحفزة قادرة على دحر الظلم والظالمين . وبعد سحب خيط الضوء وربما كان في مخيلته ما ورد في القرآن الكريم وفي سورة البقرة ، قال تعالى (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) " 187 " , يكون العمل الثاني وهو رعاية مشتل الأحلام الذي يحتمل أنه يرمز إلى الأجيال الآتية ، وبعد أن يمسح دمع الأحباب ، وما نزول الدمع الا تعبير عن الآلام والتضحيات التي بذلها المكافحون فيأخذ بأيديهم ويرعى ويراعي مشاعرهم ، مستعملا منديلا من الفل ، وهذا توضيح وتأكيد لمشاعر الحنو والتعاطف ، وكذلك الحب الذي يكنه ، وليس هذا فقط فإنه يعد بغرس واحات لا مثيل لها لأنها نادرة جدا وسيغرسها وسط حرائق الرمل ، وهنا يوجد إشارة إلى من دمر الأثار الفلسطينية ، ويعد المتحدث بأن واحات الخير والبركة سيغرسها ، وقد نجح وتوفق جدا في استعمال الغرس بدل البناء ، لأنّ الغرس سيتمكن في الأرض لأن له جذورا تتشبث في أرض الوطن . وفصل بعد ذلك بأنّه سيبني الحياة للصعاليك ، وهو يعيد بذلك صفحة حياة حرب البقاء ، التي كان يشنها الضعفاء الجوعى في ربوع الصحراء ، فيأخذون أسباب عيشهم وحقهم في الحياة ممن ينعم بها ويحرمهم منها . فالصعاليك رمز للمتشردين من الشعب الفلسطيني ، وستكون حياتهم بعد النصر من الشذا ، وهو عبق الزهر كناية عن الجمال ، وكذلك من الخير وهو توفير الرزق وأسبابه ، وكذلك يجب أن يسود العدل ويأخذ كل ذي فضل فضله ، ونجمل باختصار ماذا سيعمل المتحدث ، إنه سيعمل ما يلي 1 - يشد الضوء كخيط ريق من ظلمة الليل 2 - رعي مشتل الأحلام عند منابع السيل 3 - يمسح دموع المتألمين ( الأحباب ) بمنديل ولكن من الفل . 4 - يغرس أندر الواحات وسط الدمار والحرائق . يقلب الدمار عمارا وحضارة . 5 - يبني للصعاليك الحياة من الشذا والخير والعدل . القسم الثاني - إصلاح العثرة ( 15 – 16 ) : يجوز أن يتعثر وأن لا يحالفه التوفيق في الخطة التي ذكرنا تفصيلاتها ، فالحل موجود سيستوي قائما بفعل مطالعة التاريخ الماجد له والأصل الشهم الذي يتمتع بهما . القسم الثالث - أسباب التمهل ( على مهلي ) ( 17 - 29 ) : يبادر إلى تفسير وتوضيح سياسية التصرف والعمل بدون سرعة ، قد تسوق إلى فشل فيعلن انه يرغب في استمرارية الكفاح بدراية وبمهارة وذلك قوله : لأني لست كالكبريت يشتعل مرة واحدة ثم يخبو وتنتهي فاعليته ، يؤكد أنه كنيران المجوس التي تدوم مشتعلة طوال الوقت و بدون عصبية في المعابد ولا تنطفئ أبدا ، وهي مضيئة مشتعلة طوال الوقت وعلى مدار الزمن مهما طال ، فهو يشهدها من مهده إلى لحده وكذلك شهدها من السلف من أيام اجداده الأول ، وستبقى مشتعلة إلى فترات الأجيال اللاحقة وبدون توقف وقد جعل شكل وترتيب الكلمات مشاركا في رسم الزمن الدائم ، فوضع في السطر كلمة فامتدت ثماني كلمات على مسافة ثمانية أسطر القسم الرابع - اجمال صفات المتحدث ( 30 - 31 ) : في هذا القسم يبدو وكانه يريد أن يريح خصمه من التفكير بتحقيق الملل و اليأس في الطرف الأخر ، فكأنه يقول له : أطمئن يا هذا ، أي المسافة التي لا نهاية لها ، وليس هذا فقط ولكنني أعرف تماما ماذا سأعمل وبتؤدة وتمهل وحرفية بارعة كالنمل . القسم الخامس - خطتنا لإنهاء الطغاة ( 32 - 38 ) : سنتحدث لاحقا لماذا تحول ضمير المفرد المتكلم إلى ضمير الجمع للمتكلمين . وبعد أن ذكر بانه سيتخذ التمهل أسلوبا له ويقول على مهلي ، ويعلن بكل ثقة واطمئنان باننا نكتب التاريخ ونصنعه كما نريد ، والتاريخ يخضع لنا ويستجيب ، ولذلك أخبرنا التاريخ بأنه س ُيسجل ما سنعمله مع الظالمين ، وقررنا مجازاتهم بما قدمت ايديهم ، وحضرنا لهم حبالا طويلة لينشنقوا ويلاحظ أنه قال لينشنقوا و هذا يعني بأنه رفع نفسه وقومه عن ارتكاب الجرائم ، ولكن الخصم سيدفع الثمن وسيقدم حياته لقاء أعماله وهنالك من ينفذ هذا ولم ُيعلن عنه الشاعر. كما يوظّف التراث الدينيّ الفارسيّ في قصيدة "نيران المجوس" فيجعل نار المجوس وفقًا للديانة الفارسيّة القديمة رمزًا للثبات على الموقف وعلى ثبات المناضلين متوقّدين إلى الأبد أو حتّى الانتصار على قوى الشرّ والاحتلال ومغتصبي الحقوق في كلّ مكان وزمان, ليدلّ على الموقف المتحدّي للظلم والعربدة. . وكانت إضاءة الحياة ، ورعاية الأجيال الآتية ( المشتل) والتخفيف من الآلام ، وإعمار الخراب ، وتوفير أسباب الحياة للمحرومين . وكان القسم الثاني مؤكدا بان العثرات لا تثني عن العمل ولا تثبط الهمم . وكان القسم الثالث موضحا قيمة التمهل في قليل دائم أفضل من كثير منقطع كنيران المجوس . أما القسم الأخير فقد وصف النهاية ونتيجة الظالمين و هي انتهاؤهم وتلاشيهم . الأسلوب - المبنى العام : قصيدة في دائرة الشعر الحر كتبت بطريقة الأسطر الحرة ، فمن هذه السطور ما طال إلى أربع كلمات ،