لقد تقدَّم في الفصلين السابقين بيان أن الإيمان يزيد وينقص، وبيان أن زيادة الإيمان ونقصانه تكون من وجوه متعددة. أمَّا الحديث في هذا الفصل فسيكون عن أسباب زيادة الإيمان ونقصانه، أذ إنَّ هناك أسباباً كثيرة إذا حصلت من العبد زاد بها إيمانه ونمى وسار في طريق الكمال، وهناك أسباب أخرى إذا فعلها العبد نقص إيمانه وضعف وهوى نحو طريق الكفر والضلال. وفي معرفة هذه الأسباب فوائد عظيمة ومنافع جمة، بل الضرورة ماسة إلى معرفتها والعناية بها، وذلك لأن الإيمان هو كمال العبد وسبيل فلاحه وسعادته، وهو السبب والطريق لكل خير عاجب وآجل، ولايقوى ولايتم إلا بمعرفة طرقه وأسبابه. فجدير بالعبد المسلم الناصح لنفسه ان يجتهد في معرفة هذه الاسباب، ليزيد إيمانه ويقوى يقينه، وأن يبعد نفسه عن الوخيمة ومغبتها الأليمة. ومن وفق لذلك فقد وفق للخير كله. يكون بمعرفة أسباب زيادة الإيمان، فيكون بمعرفة أسباب نقصه والحذر من الوقوع فيها. ولذا فالكلام على هذا سيكون في مبحثين: المبحث الأول: في أسباب زيادة الإيمان. المبحث الثاني: في أسباب نقص الإيمان.