مراحل المفاوضات: شهدت هذه المرحلة تأزما سياسيا و اقتصاديا في فرنسا بحيث لم يبق لديغول من مجال لقلب الهزيمة العسكرية إلى انتصار سياسي سوى الدعوة للشروع في مفاوضات مع الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية ، 1- محادثات مولان : وبناءً على ذلك كلفت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية السيدين محمد الصديق بن يحي و أحمد بومنجل لإجراء محادثات في 25 جوان 1960 بمدينة مولان الفرنسية مع الطرف الفرنسي استمرت هذه المحادثات إلى غاية 29 جوان من نفس الشهر غير أنها باءت بالفشل بعد أن تأكدت نوايا فرنسا السيئة والخلافات الواضحة بين الطرفين حول العديد من القضايا التي أراد فيها الفرنسيون إملاء شروطهم سعيا للتعجيل بوقف إطلاق النار1. و قد شرح السيد فرحات عباس رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية - في نداء وجهه للشعب الجزائري يوم 5/7/1960 - موقف حكومته من محادثات مولان حين قال ". فعندما اتخذنا في العشرين من يونيو الأخير قرارا يقضي بإرسال بعثة إلى فرنسا لم يفتنا أن نذكر بأن هناك خلافات كبرى بيننا و بين الحكومة الفرنسية ، و في مولان أتضح أن هذه الخلافات أكبر مما كنا نظن . فلم يكن تقارب بين وجهات نظر الفريقين فحسب ، وإنما وجد مبعوثانا نفسيهما أمام رفض بات للدخول في المفاوضات . وحتى في المفاوضات تقف الحكومة الفرنسية موقف الاستعماري العنيد و ترفض كلية مناقشة الند للند. بجاية ، البليدة وغيرها ، كما صعد جيش التحرير من كفاحه . أما على المستوى الخارجي فقد نشطت بعثات جبهة التحرير الوطني على جميع الأصعدة ، مما أجبر حكومة ديغول على العودة إلى طاولة المفاوضات . جمعت أحمد بومنجل وأحمد فرنسيس و سعد دحلب بممثلي الحكومة الفرنسية براكروك ، ثم شايي . و لاحقا التقى جورج بومبيدو و دولوس بالسيد الطيب بولحروف في نيوشاتل 2- ايفيان الأولى : بالإضافة إلى رفض جبهة التحرير فكرة إشراك أطراف أخرى في المفاوضات عندما أفصح لوي جوكس في 31/3/1961 عن نية حكومة بلاده اشراك الحركة الوطنية الجزائرية ( MNA ) بالإضافة إلى حادثة اغتيال رئيس بلدية ايفيان و ما تلاه من أحداث نتيجة الضغط الذي أظهره المستوطنون المتصلبون بمواقفهم المنادية بشعار "الجزائر فرنسية"، وقد ذهبوا أبعد من ذلك بأن أسسوا منظمة إرهابية: منظمة الجيش السري O. A.S . كما حاول أنصار الجزائر فرنسية من الجنرالات المتطرفين من أمثال صالان و جوهو و زيلر وشال الإطاحة بالرئيس ديغول في 22 أبريل1961 ، مما عرَّض المفاوضات إلى التأجيل إلى غاية يوم 20 ماي 1961 بمدينة ايفيان، أين إلتقى الوفد الجزائري المشكل من السيد كريم بلقاسم - محمد الصديق بن يحي - أحمد فرنسيس -سعد دحلب و رضا مالك و أحمد بومنجل بـ السيد لوي جوكس و كلود شايي و برونو دولوس … ورغم الجلسات المتكررة ما بين 20 ماي - 13جوان 1961 لم يحسم في القضايا الجوهرية إذ اصطدمت مرة أخرى بإصرار الطرف الفرنسي بمناقشة ملف وقف إطلاق النار بمعزل عن بقية الملفات، والمساس بالوحدة الترابية للجزائر في إطار سياسة فصل الصحراء ، ومسألة محاولة فرض الجنسية المزدوجة للفرنسيين الجزائريين ، إلا أن الطرف الجزائري رفض المساومة على المبادئ الأساسية التي أقرها بيان أول نوفمبر 1954، الأمر الذي دفع بالسيد لوي جوكس رئيس الوفد الفرنسي تعليق المفاوضات يوم 13جوان 1961 . 3- محادثات لوغران : استؤنفت المحادثات في لو غران ما بين 20 - 28 جويلية 1961 لكن بدون جدوى مما جعل المفاوض الجزائري يبادر هذه المرة إلى تعليقها بسبب إصرار الحكومة الفرنسية على التنكر لسيادة الجزائر على صحرائها مروجة لمغالطة تاريخية مفادها أن الصحراء بحر داخلي تشترك فيه كل البلدان المجاورة وبهدف ضرب الوحدة الوطنية و إضعاف الثورة وتأليب دول الجوار عليها. وبذلك علقت المحادثات نظرا لتباعد وجهات النظر بين الطرفين لاسيما فيما يخص الوحدة الترابية. ولم تباشر الحكومة المؤقتة اتصالاتها إلا بعد أن تحصلت على اعتراف صريح في خطاب الرئيس الفرنسي شارل ديغول يوم 5سبتمر 1961 ضمنه اعتراف فرنسا بسيادة الجزائر على صحرائها. على إثر ذلك تجددت اللقاءات التحضيرية أيام: 28 - 29 أكتوبر 1961 ثم يوم 9 نوفمبر 1961 في مدينة بال السويسرية جمعت رضا مالك ومحمد الصديق بن يحي بـ شايي ودو لوس عن الطرف الفرنسي و في 9، 23 و 30 ديسمبر 1961 التقى سعد دحلب بلوي جوكس في مدينة لي روس لدراسة النقاط الأساسية و مناقشة قضايا التعاون وحفظ النظام أثناء المرحلة الانتقالية ومسألة العفو الشامل. و بعد أن ضمن المفاوض الجزائري تحقيق المبادئ الأساسية و السيادية خلال المفاوضات التي جرت بـ لي روس ما بين 11- 19 فبراير 1962و مصادقة المجلس الوطني للثورة الجزائرية على مسودة محادثات لي روس أبدى استعداده للدخول في مفاوضات المرحلة النهائية 4- مفاوضات ايفيان الثانية : بعد أن صادق المجلس الوطني للثورة الجزائرية على مسودة لي روس أعلنت الحكومة المؤقتة رغبتها في مواصلة المفاوضات رسميا في مدينة ايفيان الفرنسية أين التقى كريم بلقاسم وسعد دحلب و محمد الصديق بن يحي ، ولخضر بن طوبال و امحمد يزيد و عمار بن عودة رضا مالك و الصغير مصطفاي بالوفد الفرنسي: لوي جوكس وروبير بيرون ،