الأعمالُ الصَّالحةُ تَنفَعُ صاحبَها عندَ اللهِ سُبحانه وتعالى، وذلك بفَضْلِ اللهِ ورَحمتِه، ومِن ذلك القُرآنُ والصِّيامُ والقيامُ للهِ، كما يُخبِرُ في هذا الحَديثِ عبدُ اللهِ بنُ عمرِو بنِ العاصِ رضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: “الصِّيامُ”، أو مُطلَقُ الصِّيامِ: الفرضِ والتَّطوُّعِ، والقُرآنُ هنا عِبارةٌ عنِ التَّهَجُّدِ والقِيامِ به باللَّيلِ، كما عُبِّرَ به عنِ الصَّلاةِ في قولِه تَعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} [الإسراء: 78]، “يَشْفعانِ للعبْدِ يومَ القيامةِ” شفاعةً حقيقيَّةً، كما دلَّ عليه قولُه: “يقولُ الصِّيامُ: أيْ ربِّ إنِّي مَنعَتُه الطَّعامَ والشَّهواتِ بالنَّهارِ”؛ وذلك أنَّ الصَّائمَ يَمتنِعُ عن الطَّعامِ والشَّرابِ والجِماعِ مِن أذانِ الفجرِ إلى أذانِ المغربِ، أي: اقْبَلْ شَفاعتِي ووَساطَتي فيه، “يقولُ القرآنُ: ربِّ مَنعَتُه النَّومَ باللَّيلِ”؛ وذلك أنَّ قائمَ اللَّيلِ يَمنَعُ نفْسَه النَّومَ إقبالًا على اللهِ بصلاتِه وطولِ القِيامِ، وقرَنَ بيْن الصِّيامِ والقيامِ هنا؛ لأنَّ الصِّيامَ غالبًا يُلازِمُه القيامُ فيه، أي: اقْبَلْ شَفاعتِي ووَساطَتي، أي: يَقْبَلُ اللهُ عزَّ وجلَّ شَفاعتَهما، وهذا دليلٌ على عَظَمَتِهما. وفي الحديثِ: أنَّ مُرافَقةَ القُرآنِ في الآخِرَة تَحصُلُ بقِراءتِه والتهجُّدِ به والعَملِ به. وفيه: فَضلُ قِراءةِ القُرآنِ الكريمِ في اللِّيلِ والناسُ نِيامٌ .