وَصَارَ الصَّيْدُ أَكْثَرَ صُعوبَةً مِن ذِي قَبْل لا سِيَّما فِي يَوْمٍ كَهَذا لَكِنَّهُ كان جائِعًا، سَأَلَ الأَسَدُ نَفْسَهُ: كَيْفَ يُمْكِنُنِي أَنْ أَبْحَثَ عَن عَشائي دونَ أَن أُضْطَرَّ إِلى الجَرْي في كُلِّ مَكَانٍ ؟ وَاسْتَغْرَقَ مُدَّةً مِنَ الزَّمَنِ في تَفْكِيرٍ عَمِيقٍ. وَعِنْدَما خَرَجَ مِنْهُ كَانَ يَرْتَدِي مَلابِسَ النَّوْمِ بَعْدَ قَليلٍ، ثُمَّ راحَ يَرْتَعِشُ وَبَعْدَها مَسَحَ العَرَقَ عَن جَبِينِهِ. رُبَّما لا يَنْبَغِي لَنا أَن نَقومَ بِزِيارَةِ ذَلِكَ الأَسَد . فَرَّ الْأَرْنَبُ الَّذِي كَانَ أَجْبَنَهُم وَلَحِقَتْهُ بَعْضُ الحَيَواناتِ الأُخرى. لَكِنَّ البَقَرَةَ كَانَتْ شُجَاعَةً جِدًّا فَقَالَتْ: "ما أَجْبَنَكُم! الأَسَدُ المِسْكِينُ مَرِيضٌ : وَأَنَا أُرِيدُ أَن أُرَوِّحَ عَنْهُ. كَانَ الأَرْنَبُ وَالبَطَّةُ لا يَزالانِ يَشْعُرانِ بِالخَوْفِ مِن دُخولِ عَرِينِ الأَسَدِ إِلَّا أَنَّ الأَرْنَبَ قَالَ: "إِنِّي لَسْتُ جَبانًا حَقًّا سَأَفْعَلُ ما فَعَلَتْهُ المَاعِزُ وَأَدْخُلُ، وَقَفَ التَّعْلَبُ بِالقُرْبِ مِنَ البَابِ وَقَالَ: كَيْفَ حالُكَ أَيُّها الأَسَدُ؟ سُرَّ الأَسَدُ بِسَمَاعِ صَوْتَ زائِرِ آخَرَ لَعَقَ شِفاهَهُ وَابْتَسَمَ ابْتِسامَتَهُ الشَّرِّيرَة، لِمَ لا تَدْخُل يا صديقي ؟ تَمَنِّى الأَسَدُ لَوْ يُقَلِّدُ التَّعْلَبُ باقي الحَيَواناتِ وَيَدْخُلُ حَتَّى يَلْتَهِمَهُ إِلَّا أَنَّ الثَّعْلَبَ كَانَ أَذْكَى مِن أَن يَقُومَ بِذَلِكَ. قالَ التَّعْلَبُ لِأَنِّي لَسْتُ مُقَلِّدًا أَعْمى ! إذ يُمْكِنُني أن أرى كُلَّ آثَارِ الْأَقْدَامِ تِلْكَ مُتَّجِهَةً نَحْوَ الدَّاخِلِ؛ كَانَ التَّعْلَبُ أَذْكَى مِن أَن يَتْبَعَ الحَيَواناتِ الأُخرى إلى دَاخِلِ العَرِينِ حَتَّى تُؤْكَلَ مِن قِبَلِ الأَسَدِ، لِذَلِكَ لَمْ يَتَناوَلِ الأَسَدُ طَعَامَ العَشَاءِ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ.