وكان أكثر من نصف سكان القدس في بداية الفترة الرومانية من اليهود، في حين تشكل باقي السكان من العرب، وذلك بناء على تقديرات الجغرافي اليوناني ستربو حوالي العام 19 بعد الميلادي. أوكل الرومان مهمة إدارة القدس وما حولها إلى شخصية أدومية وهو هيرودوس (حرد) الكبير والمسمى أيضا هيرودوس الأدومي، وذلك في العام 40 ق. م. والذي قام باجتياح المدينة بمساعدة روما بعد تعيينه بثلاث سنين (عام 37 ق. م)، ويعتبر الأكبر في تاريخ المدينة حتى حينه، بحيث ضمت كل البلدة القديمة تقريبا، ووصلت شمالا حتى باب العامود، كما توسعت باتجاه الجنوب الغربي لتصل إلى أطراف حارة الأرمن. ومن الجنوب وصلت إلى عين سلوان، في حين أن المدينة قد وقفت عند السور الشرقي، الذي هجر. أخذت القدس الشكل الشبكي في تخطيطها وبدأت القدس تبدو كمدينة كاملة التكوين. وميدان سباق الخيل (Hippodrome). ويذكر بأن هذه منشآت ترفيه رومانية تثبت الوجه الحضاري للقدس التي قام هيرودوس بإعادة إنشائها. لم يبق من المباني العامة الضخمة التي أنشأها هيرودوس في المدينة أي شيء متكامل، وذلك بسب الدمار الشامل الذي ألحقه بها القائد الروماني طيطس ابن الإمبراطور فسبسيان عام 70 م، بعد قمعه لثورة اليهود التي اندلعت في أواخر العقد السابع من القرن الميلادي الأول، ق.م، فاقتسم أبناؤه الدولة كأمراء رومان، فيبدو أن انجازات هيرودوس قد سيطرت تماما، وقد حكم أغلبهم لفترات قصيرة سواء أولئك الذين تحدروا من هيرودوس مثل هيرودوس أغريبا (حكم 41-44م)، او الولاة المتحدرين من أصل روماني. تدهورت أوضاع القدس والمنطقة المحيطة بها بين السنوات 52-60م وانتشرت الثورات، فقام الجيش الروماني بتدمير القدس بشكل شبه شامل عام 70م على يد طيطس، بحيث سويت أجزاء واسعة من المدينة بالأرض. وتذكر المصادر بقاء طيطس في القدس مدة شهر أشرف خلالها على تدمير المدينة. عسكر الفيلق الروماني العاشر في القدس لمنع أية ثورات أخرى في المدينة، او أنهم قد تزوجوا من نساء محليات، وبالتالي تحولوا إلى سكان في المدينة. وحين زار الإمبراطور الروماني هادريان القدس عام 129م أمر بإعادة بناءها من جديد، نسبة له (EeliusHadrianus). لم يكن قرار إعادة بناء المدينة مجرد عملية بناء محضة، فقد تبعها إسقاط حضاري روماني شامل على المدينة، ومن ضمنها منع اليهود منذ عام 135 ممن السكن في القدس، كما شكلت حركة إعادة البناء إحلالا ديموغرفيا بكل ما للكلمة من معنى. استمرارا رومانيا لم ينقطع. كما ويمكن استقراء ذلك عبر الشارع الرئيس الذي يقطع المدينة من الشمال إلى الجنوب. يبدأ هذا الشارع عند باب العمود في الشمال وينطلق من ساحة ضخمة نصف دائرية ومعمدة ويستمر باتجاه الجنوب حتى باب النبي داود تقريبا وسمي "كاردو مكسيموس". وكذلك عدة طرق عرضية (غربية شرقية) أهما الذي يبدأ في مكان ما عند باب الأسباط ويتجه غربا حتى النزل النمساوي، ويستمر غربا حتى يتقاطع والكاردو، وسمي "ديكامانوس". لكنه لم يكن بمركزية الشارعين السابقين. خضعت القدس للديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية، خاصة إلى جانب المياه المقدسة والتي تم تحديدها في بركة بيت حسيدا الواقعة اليوم في فناء كنيسة القديسة حنة (المدرسة الصلاحية). قد شهد قدسية رومانية عبر بناء معبد أفروديت، وذلك بالقرب من تقاطع الشارعين المتعامدين، ويبدو بأن منطقة الحرم الشريف قد شهدت بناء تمثالين رخاميين ضخمين للإمبراطور هادريان وللإمبراطور أنطونيوس. انسحب الجيش منها في نهاية القرن الثالث وبداية القرن الرابع الميلادي، لتساهم في الدفاع عنها، حيث لم يتبقى بها إلا حامية رومانية صغيرة. وتخبرنا المصادر بأن هذه المدينة قد احتوت على الكثير من المباني الرومانية العامة، ومبنى من ثلاثة أروقة، وساحة عامة واسعة .