تتناقض السلطة والفنّ ظاهريًا؛ فالسلطة تهتمّ بالمصلحة الشخصيّة والخطط، بينما الفنّ مساحة للإبداع بلا قيود. لكنّ الفنّ استُخدِمَ تاريخيًا للتأثير الفكريّ، داعمًا سياسات معيّنة، بينما واجه الفنّ قمعًا، ثم رقابة أكثر دهاءً. يُظهر التاريخ فنّانين مثل لوركا وبيكاسو، الذين واجهوا السلطة بأعمالهم، كاللوحة الشهيرة "غرنيكا". يرى بعض الفنانين هدفهم في مهاجمة المؤسسات، مُعتبرين الفنّ وسيلة تمرد ومقاومة. لكنّ الخيار يبقى للفنان: التعاون مع السلطة أم التمرّد عليها؟ تباينت الآراء حول حياد الفنّ عن السياسة، فمنهم من يرى الفنّ للفنّ فقط، وآخرون يرون ضرورة توظيفه لخدمة أهداف سياسيّة، مع تصوّر وسط يقرّ بحضور ضمنيّ للسياسة دون التخلي عن استقلالية الفنّ. استخدمت السلطات الفنّ كقوّة ناعمة، وعلى النقيض، يُعتبر فنّ الجرافيتي في العالم العربيّ من أهمّ وسائل التعبير الثوريّة. العلاقة ليست مرسومة مسبقًا، بل تتحدّد بسلوك الفنان والسياسيّ؛ فهل يختار الفنان الحماية مقابل التنازل عن استقلاليته، أم يختار طريق المقاومة؟ وهل تتسامح السلطة مع حرية الإبداع، أم تُفرض سيطرتها؟