‎قد لا يشكل الابتزاز العاطفي تهديدا للحياة، ولكنه يسلبنا أغلى ممتلكاتنا - نزاهتنا والنزاهة هي مستودع قيمنا وبوصلتنا الأخلاقية. وهي التي توضح الصواب والخطأ بالنسبة لنا. وعلى الرغم من أننا نميل إلى اعتبار النزاهة والأمانة مترادفين، فإنهما في الواقع أكثر من ذلك بكثير. فالكلمة نفسها تعني "الكمال" ونحن نعتبرها المعرفة الراسخة وهذه هي الحدود التي أضعها". لا يجد معظمنا مشكلة في عمل قائمة بما يفعله وما لا يفعله الإرشادنا. لكن إدماج تلك المعتقدات في نسيج حياتنا والدفاع عنها تحت ضغط الابتزاز العاطفي يعد أكثر صعوبة. فنحن في أحيان كثيرة نزعن ونقوض نزاهتنا؛ ما ‎يفقدنا القدرة على تذكر كيف يكون الشعور بالكمال. ‎عليك معظم الوقت. ‎. أنا لا أدع الخوف يدير حياتي. ‎. أنا أحدد شخصيتي ولا أسمح للآخرين بالقيام بذلك. ‎. أنا أقول الحقيقة. عندما نستسلم للابتزاز العاطفي، فنحن نشطب بنودا من هذه القائمة، وفي كل مرة نفعل فيها ذلك، فنحن نضحي بجزء من كياننا المكتمل. عندما تنتهك هذا المعنى الجوهري لأنفسنا، فنحن نفقد إحدى أوضح ‎ (١) ---- التأثير على احترام الذات ‎ضعيف جبان فاشل. أحمق. لدينا الكثير من الطرق لنصف بها أنفسنا عندما ننتهي من مقابلة مع أحد المبتزين عاطفيا بعد أن استسلمنا له مرة أخرى. ونقول لأنفسنا: "لو كنت أتحلى بأي قدر من القوة، لما استسلمت. هل أنا حقا بهذا فمعظمنا يدرك أنه يتحتم علينا في كثير من الأحيان أن نتساهل قليلا ونتوصل لحلول وسط، وفي أوقات ولكن الاستدراج إلى أنماط الاستسلام لتفعل أشياء ليست في مصلحتك يؤثر سلبا على نظرتك لنفسك. هناك دائما حد أقصى نقطة إذا استسلمنا عندها: فإننا تنتهك أهم مبادئنا ومعتقداتنا. ‎كيف نخذل أنفسنا؟ الثمن الذي ندفه بسبب تجاهلنا هذه النقطة أصبح واضحا بشكل مؤلم لـ "ماريا" مع مرور الوقت. بعد بضعة أشهر من عملنا معا، كانت هادئة على غير العادة في إحدى جلساتنا، وهذا اختلاف كبير عن أسلوبها الحماسي التقليدي. وعندما سألتها ما الخطب، ‎أنا غاضبة من أشياء كثيرة جدا. أنا بالطبع غير سعيدة بما فعله " جاي" . لكن أكثر ما يضايقني هو ما فعلته بنفسي أعرف أننا تحدثنا كثيرا عن المائلة وكيف أنني احترمت ذلك دائما وأعطيته الأولوية في حياتي، أرى امرأة لم تحترم نفسها بما يكفي لتخبر زوجها: "أنا لن أدعك تحط من قدري أو قدر زواجي بخيانتك لي . لقد قمت بكل شيء إلا الدفاع عن نفسي، ربما يجدر بي أن أرتدي شارة مكتوبا عليها احتقرني . ‎أوضحت لـ "ماريا" أنه على الرغم من أن الأمر لا يبدو كذلك بالنسبة لها، فإنها قطعت شوطا طويلا، وذكرتها بأنها عملت جاهدة لتصل إلى مرحلة اعترفت فيها باحتياجاتها واستطاعت مقاومة ضغوط نشأتها وبيئتها. ويعود جزء من توبيخ الذات الشديد الذي تشعر به إلى أنها رأت الصورة بوضوح. للمرة الأولى منذ أعوام - وربما في حياتها - أنها حظيت بإحساس واع قوي بالقيم التي احترمتها وعملت على حماية حقوق الآخرين ما عدا حقوقها هي. ‎حلقة مفرغة احترام نزاهتنا وحمايتها ليس أمرا سهلا؛ حيث إن المبتزين يشوشون على نظام الإرشاد بداخلنا عن طريق إحداث ارتباك وجلبة، نبدو كأننا نفقد التواصل مع جوانب المعرفة داخلنا، فإذا بنا نوبخ أنفسنا حين ندرك أننا استسلمنا مرة أخرى. ‎"باتي" - التي تركت زوجها "جو" يقنعها بأن تطلب سلفة من عمتها الراقدة في المستشفى - هي تجسيد المأزق المستهدف الذي يتعرض بشدة الضغوط اليستسلم في النهاية للابتزاز. ‎كان هذا وضعا خاسرا لي في كل الأحوال. لشعرت بأنني شخص مربع للغاية لأني خذلت جو . وفي هذا الموقف يطلب مني خدمة صغيرة في حين أنه يقوم بكل شيء. لكن بعد أن قمت به شعرت بأنني إنسانة فظيعة . شعرت بأنني مستغلة وبلا إرادة، ‎وقعت "باتي" في المأزق التقليدي: "ملعون إذا فعلت، ملمون إذا لم تفعل الذي : تسبب في غرق عدد كبير ر من المستهدفين في عملية الابتزاز في دوامة إدانة الذات، وطالما أنها كانت تقبل فكرة "جو" بأن ما يريده على وجه الاستعجال هو " خدمة صغيرة " تدين بها "باتي" له، فلم تكن تستطيع مقاومة ما كان يطلبه - على الرغم من أنها، كما تقول هي: "أنا لست من ‎نوعية الأشخاص الذين يقومون بشيء مثل هذا من العاقل الذي سيتصل بشخص قد خضع لتوه الجراحة ويستجديه طلبا للمال؟". لم تفقد "باني " إحساسها بما هو صحيح ومناسب، وكنتيجة لذلك، انتاب ‎باتي شعور غامر بالقدم واحتقار الذات. ‎لكن النتيجة المؤسفة لمثل هذا الجلد للذات تتمثل في أنه يخلق دائرة مفرغة، فنحن تحت الضغط نفعل شيئًا لا يتماشى مع شخصيتنا، وندرك ما قد فعلناه ونحن في حالة صدمة وعدم تصديق ونبدأ في اعتقاد أننا بالفعل غير أكفاء كما جعلنا المبتزون نبدو. ثم بعد أن فقدنا احترامنا لأنفسنا ، نصبح أكثر عرضة للابتزاز العاطفي لأن نستميت لننال رضا مبتزينا - وهو ما يثبت أننا لسنا سيئين للغاية، ربما نكون غير قادرين على التمسك بمعاييرنا، ‎قادرون على الوفاء بمعاييرهم. ‎كنت خائفة من أنني إذا لم أتصل بعمتي ، فسيتوقف من حبي، وكنت خائفة من ألا أكون زوجة صالحة. وأنا كنت أحتاج إليه، ‎على الرغم من أن أن " "باتي انتابها شعور مربع تجاه إجراء المكالمة الهاتفية، لكن ذلك كان مريحا لها أكثر من أن ترفض طلبا ل جو . عندما كان أمامها أن تختار بين إحساسها بما هو صواب وما هو خطأ وبين الظهور بمظهر الزوجة السيئة، نحن نعرف الخيار الذي اتخذته. ‎التحليل والتبرير ربما تصبح رغبتنا في حماية نزاهتنا مخيفة وموحشة فهي تضعنا في خطر التعرض لانتقاد الأشخاص الذين نهتم بأمرهم، وربما تعرض العلاقة للخطر. أرادت "مارجريت" أن تتمسك بـ "كال" - مهما كلفها ذلك - ولذا ‎فعلت ما يفعله الكثيرون ممن يتعرضون للابتزاز عندما يكون أمامهم الخيار بين أن يكونوا صادقين مع أنفسهم وبين الإذعان لما يريده الطرف الآخر: قامت بالتبرير. حاولت "مارجريت" التوصل إلى "أسباب وجيهة " للقيام بما أراده "كال". فأخبرت نفسها بأن الذهاب للحفلات الماجنة ليس مشكلة كبيرة - لعل ‎أفكارها صارت عتيقة ومتزمتة. فعلى الرغم من كل شيء، كان "كال" شخصا رائعا من نواح عديدة. واحتياج مارجريت لهذا التبرير المستفيض كان تحذيرا لها بأنها تتخطى حدود ما تعرف أنه صحيح وسليم. يتطلب الأمر الكثير من الطاقة الذهنية والعاطفية لإقناع أنفسنا بأننا يمكن أن نقبل شيئًا ليس صحيحًا وفقا لمعتقداتنا، وكما هي الحال في جميع الحروب هناك خسائر وضحايا. وقد دفعت "مارجريت ثمنا باهظا بسبب تبريراتها، ولقد عملنا منا لإعادة بناء احترامها لنفسها وإسكات النقد الذي كان يصرخ داخلها وقمنا بتقوية تواصلها مع ذلك الصوت المرشد داخلها. ‎مهما كان قدر ارتباكنا أو شكنا في أنفسنا أو ترددنا فيما يتعلق بتعاملاتنا مع الآخرين، فلا يمكننا إسكات ذلك الصوت الداخلي الذي يخبرنا دائما بالحقيقة، لكننا لا نتوقف طويلا بما يكفي للإنصات إليه، وعندما تنتبه الله فهو يقودنا نحو الحكمة والنضع والوضوح، وذلك الصوت هو الحارس الأمين لكن تحت ضغط "إليوت"، ‎كل ما أردته هو اكتساب بعض المهارات كي لا أكون مضطرة دائما للاعتماد على شخص ما. كنت أفكر في أخذ بعض دورات الجرافيكس دورات في الرسوم الكارتونية، كي لا يتحتم على الجلوس دائما بانتظار الحصول على عمولة كبيرة، وشعرت كأن أبشع كوابيسي قد تحقق، كان يجلس هناك وأمامه زجاجة ماء والكثير من عبوات الحبوب، كيف يمكنني أن أعود إلى الدراسة بعد ذلك؟ قلت لنفسي لا تفعلي هذا يا " إيف" ، استمري في الدورات، لكنني . انهارت، فيذهب هذا الأمر إلى الجحيم. ‎مثل معظم المستهدفين من الابتزاز، غاب عن ذهن "إيف" حقيقة أن بعض أهم الوعود نقطعها على أنفسنا، لكن بالمقارنة مع ضغط "اليوت". فإن تلك الوعود بدت تافهة تقريبا. كانت تهديدات "اليوت" خطيرة، ولم تكن "إيف" مستعدة بعد للتعامل معها، حتى عندما يكون الضغط أخف وطأة، فإن كثيرا من الأشخاص المستهدفين ينكثون بالوعود التي قدموها لأنفسهم، إن من أخطر تأثيرات الابتزاز العاطفي هو الطريقة التي يضيق بها عالمنا، وكثيرا ما نتخلى عن ‎الأشخاص والأنشطة التي نحبها كي نرضي الذين بيتزوننا، وخصوصا لو كانوا مسيطرين علينا أو متطلبين بشكل مفرط وفي كل مرة تتوقف عن السعي لتحقيق مصلحة ما أو رؤية أشخاص تهتم بأمرهم من أجل أن تسعد المبتز، فأنت تتخلى عن جزء مهم من نفسك وتنتقص من كيانك المكتمل. ‎(٢)---- التأثير على سعادتنا ‎إن الابتزاز العاطفي يتركنا مشحونين بالمشاعر المتأججة المكبوتة. كانت "باتي" ممتعضة للغاية من تلاعب "جو" - وهي مشاعر طبيعية تماما - لكن على الرغم من وعيها بما كانت تشعر به، لم تستطع الحصول على الراحة التي ستنبع من التنفيس عن غضبها وإحباطها. فإذا بها تطفو على السطح من خلال جميع أشكال الكآبة الاكتئاب، القلق، عندما استعانت معالجة "كاثرين" بالابتزاز العاطفي من أجل الضغط عليها للانضمام إلى مجموعة علاجية، ‎كانت صديقتي منضمة إلى المجموعة وبدأت في الضغط علي أيضا. اكتشفت لاحقا أن " روندا" كانت قد طلبت منها أن تؤثر في، وبالتالي كان علي التصدي لكل منهما ، كنت أشعر بغضب شديد وأنني أتعرض لضغط مزدوج. لكنني لم أكن أشعر بالأمان للتعبير عن هذا الفضب بشكل مباشر، ولذا. ازددت اكتئابا، وكانت التجربة برمتها فظيعة. لقد تسببت " روندا" في كثير من الألم لي. الألم لي لقد كنت . ضعيفة للغاية في ذلك الحين، وهي لم تدعمني أو تؤيدني إطلاقا. بل جعلتني أشعر بأنني أسوأ - أكثر ‎عجزا وضعنا الحمد لله أنني تحليت بالحكمة الرؤية ما يحدث وابتعدت عنها. ‎وكما هي ا الحال مع "كاثرين"، فإن العديد من أهداف الابتزاز العاطفي يشككون حتى في حقهم في الإحساس بمشاعر معينة - خصوصا مشاعر النضب. وقد يحولون غضبهم إلى الداخل حيث يمكن أن يصبح اكتابا أو ربما يبحثون عن مبررات ليخفوا مدى الغضب الذي يشعرون به، كانت "كاثرين" محظوظة لأنها استطاعت في النهاية أن تتجاوز اكتشابها والشك في ذاتها وتخرج من موقف خطير. ‎أنا أعرف أنني ورطت نفسي في متاعب وكانت عواطفي منهكة لدرجة أنني كنت خائفة من أن يأخذوني ويضعوني في مصحة عقلية، كنت بالفعل أحتاج إلى الجلوس على كرسي هزاز وأتأرجح، وكنت أشعر كأنني سأفقد عقلي، ولم يكن بإمكاني أن أتحرر عاطفيا من إليوت . كان ذلك مزيجا مريعا من النضب والحب والشعور بالذنب ‎عندما يكون الابتزاز عاطفيًا قسميا وغامرا مثلما كان بالنسبة لـ "إيف". فهو يخلق عواطف حادة لدرجة أننا أحيانا نشعر بأنه "سيصيبنا الجنون". لكنني أكدت لـ "إيف" أن الكثير من الأشخاص يخلطون بين المواطف القوية والجنون، وأن هناك الكثير مما يمكننا القيام به للحد من تلك المخاوف. كانت "إيف" محقة - هناك ضرورة تدعو للتحرر العاطفي قبل أن تتمكن هي من البدء في التعامل بفاعلية وهدوه مع دراما حياتها، وسنحقق ذلك معا. وكما أظهرت "إيف" بوضوح، فإن الابتزاز العاطفي يمكنه أن يشكل خطرا على صحتك المقلية. ويمكن أيضًا أن يشكل خطرا على صحتك البدنية. وخصوصا إذا حاولت أن تضغط على نفسك بما يفوق قدراتك البدنية لإرضاء المبتز. ‎الألم البدني كإشارة تحذيرية "كيم" - التي تعمل محررة في إحدى المجلات والتي كانت تعمل الساعات طويلة جدا استجابة الضغط رئيسها - كانت تستيقظ في منتصف الليل وهي تشعر بالام حادة من كتفيها حتى رسليها. ‎تأثير الابتزاز ١٦٧ ‎كنت خائفة من حدوث شيء مثل هذا، لكن الأمر صادم دائما عندما يصيبك. أنا لا أعرف لماذا لم أشتك: " لقد بدأ ذراعاي بالالمانتي وعلي أن أمون على نفسي ليلا - بمعنى أن أقوم بعمل شخص واحد بدلا من عمل شخصين أو ثلاثة . لكنني أسمع صوت " كين" في رأسي يخبرني بعدى عظمة "ميراندا" ، وأنا مصممة على أن أثبت له أنني على القدر نفسه من كفاءتها. وذلك النذل يعرف كيف ينال مني الشيء المخيف بحق هو أنني أضل هذا بنفسي ‎عندما لا نحمي أجسادنا، فهي ترسل لنا إشارة من خلال الألم لكي تنتبه. فإن إصابات الإجهاد المتكررة تعني أنه قد تكون هناك عواقب وخيمة للاستسلام إلى الضغوط التي تتعرض لها من أجل بذل جهد يفوق قدراتها. ‎في حالة "كيم"، كان السبب والنتيجة واضحين، وكنتيجة لذلك ثار جسدها عليها. أنا بالتأكيد لا أتفق مع الفكرة القائلة بأن أي مرض بدني له سبب نفسي. لكن هناك أدلة كافية على أن العقل والمواطف والجسد مرتبطون ارتباطا ولينا ببعضهم البعض، وأنا أعتقد اعتقادا قويا بأن الضغط والتوتر اللذين يصبحان الابتزاز العاطفي قد يظهران في أعراض بدنية عندما يكون الطريق أمام وسائل التعبير الأخرى ‎(٣)-----خيانة الآخرين لاسترضاء المبتز ‎نحن نعرف أن الاستسلام للابتزاز العاطفي يجعلنا نخون أنفسنا واستقامتنا. لكننا نميل إلى التغاضي عن الطريقة التي قد نخون بها من نهتم بأمرهم وذلك عن محاولة تهدئة المبتزين أو تجنب النقد. لقد رأينا أمثلة عديدة في هذا الكتاب على كيفية تأثير الابتزاز على الأشخاص الآخرين في حياة الشخص المستهدف في "جوش" يخون "بيت" عندما يقول لوالديه إنه لم يعد يراها، وتشعر أيضًا بأنها غير محمية بسببه. "كارين". وجدت نفسها عالقة في الوسط بين : أمها وابنتها، ومضطرة ‎إلى جرح هذه أو تلك. قرأت لها القائمة وعندما وصلت إلى " ميلاني" أوقفتني وقالت: "أنا لا أريد حضور ميلاني، أنا أعرف أنها ابنتك، لكنها كانت تعاملني بشكل مربع مؤخرا - بطريقة مسيئة تماما. وفي آخر مرة اتصلت بها، كان لديها ما يشغلها عن الحديث إلي إنها لا تتعامل بلطف إلا عندما تريد شيئا". ‎حاولت تلطيف الأمر وقلت لها إن " ميلاني كان يشغل بالها الكثير من الأشياء مؤخرا، لكن أمي لم تنصت، وقالت: " إذا لم تخبري ميلاني بألا تأتي، فأنا لا أريد حفلتك، ويمكنك إقامتها بدوني، ويمكنني أن أقضي عيد ميلادي هذا وحيدة أيضا". ‎في حفلة جدتها. وأصبحت القناة والمرسال لكل المشاعر السيئة بين امرأتين بالفتين، ومثل ‎معظمنا، لم تتعلم "كارين" أية إستراتيجيات فعالة للتعامل مع الابتزاز العاطفي، وافترضت أنها ليس أمامها سوى خيارين - أن تستسلم لأمها وتجرح ابنتها أو تتمسك بموقفها وتخاطر بجرح أمها - موقف ستخسر فيه في كل ‎الأحوال. لقد مر الكثيرون منا بموقف عصيب مثل موقف "كارين" والذي فيه طلب منهم أن يختاروا بين شخصين يهتمون بأمرهم، "إما أطفالك أو أنا فهو مطلب شائع، ‎الاهتمام. ‎هناك سيناريو مألوف آخر قد يتضمن أفراد عائلة مختلفين يضغط أحدهما على الآخر للتحالف مع أحد الوالدين ضد الآخر، خصوصا بعد وقوع طلاق. إذا كان الطلاق مصحوبا بمشكلات، فمن أحد أشكال الابتزاز العاطفي المعتادة هي: "إذا واصلت التحدث مع أبيك / أمك، فليس لك مكان في حياتي ( أو في وصيتي ولن أتحدث معك مرة أخرى . هذه معضلة مؤلمة . فأيا كان الخيار الذي سيأخذه المستهدف، سنتم خيانة شخص ما، أما هذان العنصران وما سيتبقى فهو علاقة سطحية خالية من الصراحة العاطفية التي تمكننا من أن تكون على سجيتنا مع الطرف الآخر. تصبح حذرين ونخفي الكثير والكثير عن المبتزين، ‎إلى فرض رغباتهم يكونون في أفضل الأحوال غير مبالين بنا؛ وفي أسوئها قاسين، وتكون الحميمية هي الضحية ‎التوقف تحدثت "إيف" عن تراجع مستوى الحميمة في علاقتها مع "إليوت" بطريقة مؤثرة للغاية. ‎أعرف أن " إليوت" يبدو غريب الأطوار ومجنونا ، لكن الوضع لم يكن دائما كذلك، ففي أول عام لنا معا كانت العلاقة مختلفة اختلافا كاملا - بسيطة ورومانسية. " إليوت" شخص ذكي وموهوب للغاية وكنا نحب بعضنا حبا ‎حقيقيا، لكن لم يظهر لي جانبه الجنوني إلا بعد أن تزوجته. الأمر الآن يشبه كأنني أعيش في غرفة ضغط، ولا يمكنني مجرد أن أصف الوضع، إنها الطريقة التي تتعاطف بها مع شخص ما أنت غاضب منه وربما يكون مصابا بمرض فظيع لكنك تحبه وفي قرارة نفسك تهتم بأمره. لكن لا توجد حميمية، حميمية حقيقية، وأنا لا أتحدث هنا عن العلاقة الزوجية، بل أتحدث من الناحية العاطفية. أنا لا أستطيع أن أخبره بمشاعري الحقيقية لأنه شخص ضعيف جدا . أنا لا أستطيع أن أخبره بأحلامي أو خططي لأنه كان يشعر بأنها مصدر تهديد له. لا توجد مواضيع أمنة، لا توجد حميمية حقيقية، ‎يصبح الأشخاص المستهدفون من الابتزاز العاطفي معتادين الأحكام السلبية والانتقادات والضغوط وردود الفعل المبالغ فيها لدرجة أنهم - مثل "إيف" - يترددون في التحدث عن جوانب مهمة من حياتهم، نحن نتوقف عن الحديث في: ‎ه الأشياء الحمقاء أو المحرجة التي قمنا بها؛ ‎مناء ه ما نشعر به من حزن أو خوف أو عدم الأمان لأن المبتزين قد يستخدمون ذلك ضدنا ليثبتوا أننا مخطئون في مقاومتنا لما يريدون ‎الأمال والأحلام والخطط والأهداف والخيالات؛ لأن المبتز قد يحبطها أو ‎يستخدمها كدليل على أننا أنانيون ‎. تجارب الحياة التعيسة أو الطفولة الصعبة لأن المبتز يستخدمها كدليل ‎على عدم استقرارنا أو عدم أهليتنا. . أي شيء يظهر أننا نتغير أو نتطور لأن المبتزين لا يحبون أن نحرك المياه ‎الراكدة. صمت غير مريح الكثير من التوتر. ‎لجأت أم "كارين" إلى أسلوب لي الذراع لدفع كارين لقضاء مزيد من الوقت معها ، لكن بالرغم من كل التقارب الذي تبقى بينها، كان الأمر يشبه كأنها تتحدث إلى تمثال على شكل ابنتها فالتفاعل الصارم بينهما لم يكن به مجال لـ "كارين" الحقيقية أو ما تهتم به. فالأمر يبدو كأن هناك سلكين شائكين يفصلان بين هاتين المرأتين - سلك يتكون من نقد الأم والآخر من ‎جهود كارين" لحماية نفسها عن طريق الانسحاب. ‎ومن المثير للدهشة كيف أننا نمسك ألسنتنا عندما نحاول تجنب سلسلة ‎أخرى من الابتزازات فتستمر في المناورة بالكلام لتجنب الحديث عن موضوع جاد أو عما هو أسوأ وهو التحدث عن مطلب. وقد أوضح "زوي" ذلك ‎جيدا قائلا: ‎أنا لم أعد حتى أسأل " تيس" عما تفعله لأنها ستخبرني، أعتقد أنه يمكننا التحدث عن الطقس، الأفلام - الكوميدي منها فقط، فأنا أبقي المحادثة خفيفة. ‎في المواقف التي يشوبها الابتزاز، فإن العلاقات مع الأصدقاء والأحباء ‎وأفراد العائلة والتي لها عمق حقيقي فيما مضى تبدأ في الاضمحلال بينما تتقلص قائمة المواضيع الأمنة. لكنها زوجتي، وأنا أتمنى أن أحدثها ببعض مما مررت به مؤخرا، أنا أواجه مشكلات في عملي - المبيعات تراجعت تراجعا حادا - وكان علي البحث عن بعض الاستثمارات لتغطية الفواتير. هناك مصنع صغير في مدينة سان خوسيه أريد أن أذهب وألقي نظرة عليه. هم يتحدثون عن بعض العقود الجديدة التي يمكن أن تنقذني، لكنني لا أريد حتى أن أتحدث عن قيامي برحلة والغياب لبضعة أيام لأنها ستنزعج ، هذه ليست شراكة حقيقية - هذه فرقة موسيقية مكونة من عازف واحد. ‎جو فرض "الن" رقابة على نفسه بألا يتحدث عن المواضيع التي يعتقد أن "لا تستطيع تحملها". ونتيجة لذلك، على الرغم من أ أنهما كانا ا پمیشان معا، كان يشعر بوحدة شديدة، بدون الحميمة التي تتبع من القدرة على أن تتحدث عن أوقات الشدة كما تتحدث عن أوقات الرخاء،