بعد سقوط المنظومة الماركسية ومعسكرها وأحزابها وحكوماتها سنة ١٩٩١م ، وزوال الشقاق الاجتماعي الذي استمر داخل الحضارة الغربية لأكثر من سبعين عاما - الشقاق بين الليبرالية. الرأسمالية» و «الشمولية - الشيوعية» - أعلنت الليبرالية الغربية عن انتصارها التاريخي لا في إطار حضارتها الغربية فقط ، وإنما مدعية عالمية - بل وأبدية - هذا الانتصار . وكان كتاب «فوكوياما» الأمريكي الجنسية ، الياباني الأصل - (نهاية التاريخ) الإعلان عن دعوى وادعاء هذا الانتصار . ولقد حظى هذا الكتاب الصغير في وطن العروبة وعالم الإسلام باهتمام كبير ، ورفض شديد ! . وقبل أن تهدأ عاصفة (نهاية التاريخ) أثار الكاتب الأمريكي - اليهودى الديانة . ب هانتنجتون عاصفة أشد ، بدراسته عن صراع الحضارات . وهى الدراسة التي استقبلت في شرقنا العربي والإسلامي - أيضا - باهتمام كبير ، وعلى خلاف هذا الاستقبال الغاضب والرافض ، الذي استقبلت به هاتان الدراستان . فلقد كان الأولى - في تقديري - أن نتأملهما جيدا ، وأن ننظر إليهما باعتبارهما إعلانا صريحا وصادقا عن واقع موقف الحضارة الغربية من الأمم والقوميات والحضارات غير الغربية ، وواقع موقف الليبرالية الرأسمالية من الفلسفات والمذاهب الاجتماعية الأخرى .