إن الإسلام قد حرم جميع أنواع الغش واستغلال الناس وأكل أموالهم بالباطل فتحصيل المنافع للعباد ودرء المفاسد عنهم ومراعاة جانب التيسير فيما يمكن لهم ويصلح حياتهم مقصد من مقاصد الدين وقاعدة أساسية من قواعد الفقه الإسلامي، ولأجل ذلك فقد أخضع الشارع كل المعاملات المالية لأصلين عظيمين في الإسلام هما: "العدل ومراعاة مصلحة الطرفين"، فإذا كان كل أصول المعاملات المالية على الإباحة فتحريم بعضها لا بد أن يرجع إلى انتهاك هذه القاعدة بظلم أحد الطرفين وعدم تحقيق العدالة في جانبه. ومن إحدى المحظورات الشرعية في المعاملات المالية هي الغرر، وقد نهى عنه الشارع حفظا لأموال الناس من الظلم الذي قد يقع على هذه المعاملة، فالمعاملات المالية من المسائل التي لا يستغني الناس عنه، كما علم أن من أسباب فساد المعاملات يرجع إلى الغرر، وقد يخفى ذلك في المعاملات المالية المعاصرة، مع أن الأبحاث في المعاملات لمالية المعاصرة متعددة كثيرة، أن بعض الناس اعتقدوا بجواز جميع المعاملات نظرا لسماحة الشريعة الإسلامية في رفع الحرج واعتبار التراضي بينهم بغض النظر عن الغرر الموجود في تلك المعاملات، ومع تطور المعاملات المالية المعاصرة التي تقوم على أسماء لغوية ومصطلحات علمية مستحدثة كان من الصعوبة بمكان التمييز في شبه الغرر فيها لعدم ضبط هذا المصطلح ضبطا دقيقا عند الفقهاء السابقين، وبحاجة إلى توضيح أثره الفقهي في المعاملات المالية خاصة، وتصوير تطبيقاته في المعاملات المالية المعاصرة.