عاتب زايد شقيقه الحاكم لأنه لم يستشره إطلاقاً، ولم يشاور أياً من أفراد الأسرة الحاكمة حول أي من الأمور المتعلقة بتنمية أبوظبي أو تطويرها، وطلب الشيخ زايد من سالم علي موسى أن ينقل محادثته مع الحاكم إلى الوكيل السياسي، ثم غادر إلى العين دون أن يودع الحاكم . كما أن شعبية الشيخ زايد قد فاقت بكثير شعبية شقيقه الحاكم، وكان معظم الناس ينظرون إلى الشيخ زايد على أنه البطل الذي أنقذ أبوظبي بمقاومته الحازمة للغزو السعودي في العين. ولم يكن فيها غير عدد محدود من أجهزة المذياع، وكان أهل الساحل يعرفون ما يحدث في العين، أما الحكومة البريطانية التي كان لها مصالح اقتصادية واستراتيجية مرتبطة بتطور أبوظبي فقد أدركت بعد تدخلها عسكرياً في "حماسة " أن الشيخ زايد هو الأمل الوحيد المستقبل أبوظبي. وفي حين أظهر المسؤولون البريطانيون في فترة ما قبل عام 1947 نزعة نحو التدخل المستبد في شؤون الإمارة، فإن الجيل الجديد من المسؤولين البريطانيين القادمين إلى أبوظبي كان أقل ميلاً إلى التدخل، فقد أدركوا أن في وسعهم أن يستفيدوا من تجربة الشيخ زايد في توجيه الأمور، وأن يحذوا حذوه وهم على اطمئنان تام إلى سلامة توجهاته، وكانوا تواقين إلى أن يتولى الشيخ زايد موقعاً أهم من موقعه الحالي، لذا كان تردده في التدخل لحسم الأمر ونستشف من سجلات وزارة الخارجية البريطانية إدراكاً متزايداً بأن الشيخ زايد سيكون حاكماً نموذجياً، فقد بدا ذلك واضحاً في الرسالة المطولة من المقيم السياسي إلى وزارة الخارجية البريطانية في 17 نيسان / إبريل 1962 ، ومن المؤكد أننا لن نستطيع نحن ولا أي جهة أخرى التأثير في قراراته، ولكن اهتمامه بتحقيق مصالح شعبه، وتفهمه حجم المشكلات التي تواجه أبوظبي، وأمام هذه الضغوط الهائلة واحتمالات المواجهة مع أكثر من جهة قرر الشيخ شخبوط في بداية الأمر أن يقبل تقديم التنازلات المطلوبة منه ؛ والموافقة على تنفيذ خطط تنموية. ولكن ما إن مرت فترة وجيزة على قبوله تلك المطالب حتى تبدل رأيه مرة أخرى؛ وعلى سبيل المثال فقد وافق على تعيين معلمين من السودان، وبمجرد إبرام الاتفاقية مع حكومة السودان بدأ الشيخ شخبوط يتحدث عن عيوب في الترتيبات المتفق عليها. وكتب الكولونيل باوستد واصفاً إحدى زياراته للشيخ زايد، وكان قد أخفق في صباح يوم الزيارة نفسه في إقناع الحاكم بالعدول عن تراجعه فيما يتعلق بتلك الاتفاقية : أمضيت ساعة في المساء مع الشيخ زايد وأخبرته صراحة أن حكومة السودان قد بذلت كل ما في وسعها، وأنها تريد من الحاكم أن يوقع على التعيينات . وإنه سيكون مسؤولاً عن ذلك بعد أسبوعين من اجتماعه مع باوستد بدأ الشيخ شخبوط يثير قضية تنحيه عن الحكم، ويصف لنا باوستد ما جرى طبقاً لرواية الشيخ زايد قائلاً : قال (الشيخ شخبوط) إنه قرر التنحي عن الحكم، وأضاف أنه كان مخلصاً في إدارته لشؤون الإمارة لما فيه مصلحة أهلها ، ثم شكا من أن أخويه إنما يستمتعان بالحياة (في العين) ويكتفيان بطلب الأموال منه، تاركين له معالجة كل شؤون الإمارة . رد زايد بأنهما (الشيخ زايد والشيخ خالد على استعداد تام لمساعدته في كل الأوقات في إدارة شؤون الحكم، بل يتعين عليك أن تضع التوصيات التي يقدمها إليك الوكيل السياسي وسكرتيرك الخاص والموظفون المعينون للعمل في الإمارة موضع التنفيذ . بشرط أن يقبل الشيخ شخبوط ذلك، أما رد الحاكم فكان انتقاد الشيخ زايد على إنفاقه أموالاً على بناء المتاجر ومضخات الري والمشروعات الزراعية وغيرها في البريمي (العين)، فإنه يقبل اتهام أخيه له بأنه كان مخطئاً فيما فعل .