يحتل قانون العمل أهمية بالغة بين التشريعات التي تنظم المجتمع الحديث على كل من الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، وتزداد أهمية قانون العمل يوما بعد يوم لما يكتسبه من آفاق جديدة على صعيد التشريعات الداخلية أو في نطاق المعاهدات والمنظمات الدولية( ). ويمكن القول أن العمل يعتبر وسيلة لتحقيق الذات وإثبات الوجود، فضلاً عن أنه يعد ضرورة اقتصادية لمواجهة أعباء الحياة. يهدف نظام العمل السعودي – شأنه في ذلك شأن سائر تشريعات العمل في دول العالم – إلى تحسين أحوال العمال وتنظيم ظروف معيشتهم وصولا إلى تحقيق حياة كريمة لهم، وذلك من خلال توفير أكبر قدر من الضمانات والحقوق لهذا القطاع العريض في المجتمع.ويمكن أن نلخص بعض أوجه أهمية نظام العمل من الناحيتين الإجتماعية والإقتصادية فيما يلي:أولاً: الأهمية الاجتماعية لنظام العمل :يعتبر القانون حدث اجتماعي يؤثر في المجتمع ويتأثر به، فهو يعبر عن واقع المجتمع ويصور آماله ويلمس طموحات الأفراد واحتياجاتهم وينظم علاقاتهم في إطار تحقيق الصالح العام. ويعد نظام العمل من أهم القوانين التي تمس الحياة الاجتماعية في المجتمعات الحديثة، فنشأة هذا القانون قد ارتبطت أساسا بالاعتبارات الإنسانيةالمتمثلة في تحسين أحوال العمال وتنظيم ظروفهم المعيشية( )، فلقد سعت الأمم المتحضرة إلى تقديس رسالة العمل وأولتها عناية فائقة.ويهتم قانون العمل بتنظيم العمل التابع الذي يتعلق بمصالح فئة كبيرة من الأفراد، حيث يخاطب بصفة أساسية الطبقة العاملة التي تشكل قطاعا عريضاً ومؤثراً من أفراد المجتمع، وبالتالي تنعكس قواعده على الحياة اليومية للعمال، حيث ينظم ساعات العمل والإجازات بأنواعها المختلفة ونظام الأجور والتأمينات الاجتماعية للعمال وأسرهم في حالة الإصابة والوفاة والمرض( ).يختص نظام العمل كذلك بتنظيم علاقة تمثل جانباً حيوياً من العلاقات في مجتمع الدولة المعاصرة ونقصد بذلك العلاقة بين العمال وأصحاب الأعمال. وفي هذا المجال يعمل قانون العمل على تحقيق التوازن بين الطرفين، بحيث يؤدي إلى توفير الحماية اللازمة للعامل من ناحية، ويؤدي إلى استقرار علاقة العمل بما يقضي على أسباب الاضطراب في الجماعة ويشيع الأمن والسلام الاجتماعي La Paix Sociale من ناحية أخرى. حيث أن مراعاة الاعتبارات الاجتماعية لا يجوز أن يكون على حساب الاعتبارات الاقتصادية التي لا غنى عنها في نظام اقتصادي متوازن. وقد أكد دستور منظمة العمل الدولية هذا المعني بالنص على أنه لا سبيل إلى إقامة سلم عالمي ودائم إلا إذا بني على أساس من العدالة الإجتماعية( ).