سيشكّل دليلاً صامتًا ضده. فليس مجرّد بصمات أصابعه أو آثار قدميه، أو الدم أو المنِيّ الذي فيرزه أو يجمعه - كل هذه وأكثر تشكّل شاهدًا صامتا ضده. إنها أدلة لا تُمحى ولا تشوِّشها إثارة اللحظة؛ إنها لا تغيب بغياب الشهود البشر، والأدلة المادية لا يمكن أن تخطئ ولا أن تكذب ولا أن تغيب كليًا. وحده تفسيرها يمكن أن يخطئ. ووحده عدم قدرة الإنسان على إيجادها ودراستها وفهمها يمكن أن يقلِّل من قيمتها إن كل حادثة، تترك آثاراً في مسرح وقوعها. والهدف من التحقيق الذي يليها هو تفسير الحقائق تفسيراً صحيحًا، وبالنظر إلى الطبيعة العابرة والهشّة لتلك الآثار، فإن موثوقيتها وحفظ سلامتها المادية يعتمدان إلى حد بعيد جدًا على التصرفات الأولية في مسرح الحادثة. ويمكن تحقيق سلامة الأدلة بوسائل محدودة جدًا، فالتصرف بعناية ومهنية طوال عملية التحقيق والتحري في مسرح الجرمية عنصر حاسم الأهمية لقبول الأدلة للأغراض القضائية، فضلًا عن قبولها للتحقيقات المتعلقة بحقوق الإنسان وللعمل الإنساني.