وبناء مستقبله، وهو قادر على التخيل مما مكنه من اختيار أهدافه وتخيل الاحتمالات الممكنة لتحقيقها، وله قدرة كبيرة على التفكير تمكنه من الاستفادة مما يحصل عليه من معرفة، ثم أنه فوق ذلك كله استطاع أن يتمي وسيلة فعاله للتفاهم مع أفراد جنسه. هذه الوسيلة هي اللغة برموزها التي ساعدت الإنسان على مشاركة خبرات غيره والاستفادة منها، والاحتفاظ بتاريخه الفكري ... بنقله من جيل إلى جيل ويضيف إليه ويتميه ويستفيد منه تطبيقا في تغيير حياته، والتحكم في سير التطور فالإنسان، بما يتمتع به من إمكانات وطاقة كامنة، استطاع عن طريق تفاعله الخلاف مع البيئة بمظاهرها المختلفة أن يلاحظ، ويدرك، ويتنبه، ويفكر، ويتبصر، ويخطط، ويستفيد من الخيرات، وأن يشحذ من هذه الإمكانات في خلال صراعاته مع الصعوبات المحيطة به وما يحتويه عالمه من غموض، وهذه العملية النشطة الفعالة هي التي دفعت الإنسان إلى مسار البحث عن تفسير لما يجري حوله، وبالتالي التعرف على عالمه. واستنادا إلى التطور التاريخي للمعرفة الإنسانية يمكن تصنيفها من حيث مصادرها، إلى ثلاثة أنواع: (السماك ، 2019، ص ص : 18- 21 1 - المعرفة التي تعتمد على الحواس والخبرة الذاتية أو الصدفة وهي تميز المعرفة الإنسانية عند الإنسان العادي ورجل الشارع وهو أدنى مراتب المعرفة،إذ تعتمد أصلا على الحواس والخبرة اليومية التي لا ترقى إلى مستوى التحقق والصدق العلمي. وقد وصل الإنسان القديم إلى معارفه عن طريق المحاولة والخطأ أو الصدفة. فقد كان إذا واجه ظاهرة يصعب عليه فهمها أو معرفتها ينسبها إلى قوى غيبية. ومما لا شك فيه أن ذلك أوقعه – في كثير من الحالات – في أخطاء جسيمة كانت حجر عثرة في تحقيق التقدم الاجتماعي. وبالرغم من قصور مثل هذا النوع من المعرفة فإنها تعتبر الأساس الأول لأي معرفة علمية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هذه المعرفة التي اكتسبها الإنسان عن طرق خبرته اليومية تشكل ما يسمى بالحس المشترك أو الآراء المشتركة Common Sense أو البديهيات بين أفراد مجمع معين. وهذه الآراء تأتي بداهة وبعضها يأتي نتيجة لتجارب أولية، أو عن طريق التجربة والخطأ، وكلها خطوات مبدئية لا توصل إلى حقائق قاطعة بالبراهين أو الأدلة الناتجة عن دراسة دقيقة. ومع ذلك فإن هذا النوع من المعرفة أكثر انتشارا بين الناس،فهو ينتقل بينهم بحكم العادة، ويسلمون به دون فحص أو تمحيص . ودرجة تغير مثل هذا النوع من المعرفة كبيرة بعكس المعرفة العلمية، بل الأكثر من ذلك أنها قد تتناقض في المجتمعات المختلفة وفي الفترات الزمنية المتغيرة