ومن أجل تحقيق مزيد من الحرية في حياتنا المصرية العامة، ليس معنى ذلك أنني ألح على المطالبة بظهور الأنبياء أو الشخصيات الإسلامية المقدسة على خشبة المسرح، كما أنني لا أسمح لممثل كان يؤدي أدوار الشر والانحراف أن يمثل أدوارًا لهذه الشخصيات المقدسة، فذلك أمر أستبعده بطبيعة الحال. فنحن جميعًا نرى أنه حتى في المجتمع الأوروبي، لا يُسمح بأداء أدوار الشخصيات الدينية الكبرى، ما أريد الوصول إليه هو الدعوة إلى البحث عن معادلة مسرحية مصرية إسلامية تتمشى مع التقاليد الإسلامية من ناحية، وتكون نابعة من داخل المجتمع المصري والإسلامي ومعبرة عن وجدانه من ناحية أخرى. علينا أن نبحث في طقوس الشعب المصري في ضوء اليقين الواثق بأن كثيرًا من هذه الأشكال المسرحية الشعائرية تستطيع أن تتخطى هذه التابوهات بطريقتها الخاصة، أمام الأزهر الشريف وأمام المجتمع كله. وهاهنا أخص بالذكر الأدوار الشعائرية لإمام الجامع والراوي المتجول، حاولت دائمًا أن تجد لها منفذًا، فرأينا المسلمين يجودون ما شاءوا في الخط لما حرموا التصوير، فلا بد أن تبدأ المحاولة من هذه الأشكال المسرحية الشعائرية التي لم يلتفت إليها أحد، والتي يكون الشعب فيها هو المؤدي والمشاهد والمخرج في الوقت نفسه، تبدأ منها لتكون بمثابة نقطة انطلاق نحو مسرح مصري أصيل. ذلك لأن هذه العروض الشعبية المصرية هي عروض الحرية والخصوصية وقداسة الأدوار الشعائرية أيضًا.