الحوار معالمه وأدبياته الخلاف بين بني آدم حقيقة واقعة، وفي الوقت نفسه فإن الوجود الإنساني يستلزم التواصل بين بني آدم واستفادة بعضهم من بعض، الأمر الذي يعني وجود طرق للتواصل بينهم رغم وقوع الاختلاف، ومن هنا كان الحوار أحد أبرز وسائل التواصل وتبادل المنافع والإفادة من الخبرات والمهارات والتراكم المعرفي والفني، وأهم من ذلك كله الحوار الديني الرامي إلى ارتقاء الحضارة الإنسانية إذا سلكت المنهج القويم والشرع المستقيم الذي بعث الله تعالى به رسله وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم. ب التردد إلى نقصان، ومنه استعادة النبي الله من: «الحور بعد الكور» (۳). وتأتي بصيغة المحاورة والتحاور والحوار، وبه فسر العلماء كلمة الحوار في المواطن القرآنية الثلاثة وهي : قوله تعالى : ﴿وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا [الكهف: ٣٤] . وقوله تعالى: وقد سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا وبها فسر عبد الحق بن عطية آيتي الكهف اعتماداً على قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه (۱) ويستخلص من سياق الآيات الكريمة والمدلولات اللغوية، المعنى الاصطلاحي للحوار وهو : حديث في قضية ما بين طرفين مختلفي المنطلقات يغلب عليه الهدوء، وربما تعتريه شدة لا تبلغ حد المماحكة أو بذكر طائفة من المحاورات، فأما النص فتقدم آنفاً ذكر الآيات الثلاث من سورة الكهف. وأما المحاورات فمن الأمثلة عليها في القرآن الكريم قول الله تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهُ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ﴾ [النساء: ۱۷۱]، بل إن الغلو يصور حالة الاندفاعية البعيدة عن كافة الضوابط العقلانية والشرعية ، وتمنع إخضاع أي تفسير للألوهية لإمكانات البشر وتصوراتهم، فلا يجوز عقلاً تماثل الخالق والمخلوق، وإنما الحق: إله واحد سبحانه،