النظرية السوسيولوجية تواجه تحديات كبيرة تتعلق بتجزئة الظواهر الاجتماعية وتعقيد فهم المجتمع بشكل شامل. الذي يسعى لفهم المجتمع غير المكتمل، يعاني من صعوبة تحديد موضوعه بسبب التأثيرات الإيديولوجية المختلفة التي تحدد كيفية معالجة الظواهر. علماء الاجتماع غالبًا ما يختلفون حول طبيعة موضوع علم الاجتماع بناءً على خلفياتهم المعرفية والثقافية، مما يؤدي إلى صعوبة بناء مفاهيم سوسيولوجية موحدة وشاملة. هذا التفاوت في التصورات يعوق التحليل العميق للظواهر الاجتماعية. مثل الفلسفة الوضعية التي طرحها أوغست كونت، فشلت في معالجة الجانب الأخلاقي والروحي للإنسان، مما أدى إلى تفسير مشوه للواقع الاجتماعي. حتى النظريات الوضعية التي سعت لتنسيق العلوم الجزئية في إطار شامل لم تتمكن من تقديم تفسير دقيق للظواهر الاجتماعية بسبب تجاهلها للعناصر الإنسانية المتغيرة والمعقدة. نظريات مثل تلك التي تبناها كونت ودوركهايم أُنتقدت لأنها اقتصرت على تبني نماذج تجريدية لا تتماشى مع الواقع الملموس، مما جعلها بعيدة عن فهم الديناميكيات الاجتماعية الحية. رغم محاولتها معالجة هذه القضايا، لا تزال تعتمد على مفاهيم ضبابية وغير قابلة للاختبار تجريبيًا. كثير من هذه النظريات تتسم بالغموض ولا تتيح فرصة للتحقق من صحتها أو دقتها، مما يجعلها غير قادرة على تقديم حلول عملية للمشكلات الاجتماعية. هذه الإشكاليات تؤكد على استحالة تجاوز أزمة النظرية السوسيولوجية، حيث يفتقر علم الاجتماع إلى مرجعية فكرية موحدة يمكنها جمع الخلافات الفكرية والمذهبية داخل الحقل السوسيولوجي. أصبح علم الاجتماع مجالًا للصراع المذهبي، بدلًا من أن يكون أداة لفهم وتحليل الواقع الاجتماعي بشكل علمي وموضوعي. تؤكد الأزمة المستمرة في النظرية السوسيولوجية على فشلها في تكييف نفسها مع تغيرات المجتمع وتحدياته المستمرة، ما يجعلها تبتعد عن محاولات فهم العلاقات الاجتماعية بعمق وتجعلها أقل قدرة على معالجة القضايا الاجتماعية الراهنة.