حقا أن لا يتسنى لأبناء بلاد ذات حضارة وعزة وسيادة التعلم وطلب العلم إلا بلسان أجنبي لا يمت إلى لغة أهل البلاد وثراتهم بصلة من قريب أو بعيد . والحقيقة أنه لم يكن بيد الاستعمار أداة أطوع في تفتيت وحدة الثقافة العربية وتفريق كلمة العرب من طمس لغتهم القومية بإتباع الوسائل المختلفة من إبراز العاميات المحلية ومن القول بفضل الحروف اللاتينية على الحروف العربية إلى المناداة بعدم صلاح العربية للعلم والتعلم . وبذل الجهود المتصلة لإتخاذ اللغات الأجنبية عوضا عنها ، بل حتى إحلال تلك اللغات محل العربية في الحديث والخسامر في بعض الأوساط . وليس خافيا أن العربية كانت وما تزال وستبقى من أقوى الروابط التي تجمع بين أفراد أمتنا العظيمة وشعوبها وأن إضعافها والقضاء عليها معناه القضاء على أقوى مقومات وحدتنا القومية ومستلزماتها ، ومن هنا فإن الدول الطامعة بخيرات بلادنا لا تريد للغتنا أي تقدم او إزدهار .