يؤكد فريق من المنظرين على طابع العلاقات الدولية المتغير، باعتباره سنة كونية طبيعية تعبر عن الاستمرارية والبقاء عبر التكيف والتعلم. ويرون أن هذا التغير حتمية فكرية يجب على الباحث مواكبتها، بدلا من التشبث بقوالب فكرية جامدة. ويجادلون ضد ادعاء الواقعيين بأن قدر الأفراد والدول ثابت، مُشيرين إلى إمكانية التغيير التاريخية، مثل الإختراعات والمعاهدات السلمية. لذا، يجب فهم السياسة العالمية من زاوية ارتباطها بسياقها العام التاريخي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، فهي انعكاس للواقع الدولي المتغير. يرى الليبراليون تطورات مهمة في مجال التنظيم والمؤسسات الدولية، وزيادة الإنفتاح والتعاون، مع الاعتراف بوجود الحروب. إلا أنهم يؤمنون بإمكانية تغيير الواقع للأفضل عبر القانون والأخلاق والطبيعة الإنسانية الخيرة، ويسعون لبناء عالم يسوده السلام، معتمدين على العقل والعلم والحرية. وقد استخدموا أدوات مختلفة لتحقيق ذلك، مثل التجارة الدولية والحكومة العالمية والتكامل الدولي والمنظمات الدولية، رافضين بذلك الواقع الدولي القائم. الليبراليون الجدد، مثلاً، يرفضون مفهوم الفوضى "الهوبزية" ويؤمنون بإمكانية التعاون عبر مؤسسات دولية. كما يشددون على دور الفاعلين من غير الدولة، والأهمية المتزايدة للقضايا الاقتصادية منذ السبعينيات. يؤمن الماركسيون بالطابع المتغير للعلاقات الدولية وفق قوانين الجدل المادي، مُعتبرين الدول أدوات استغلال في يد البورجوازية. ويعتقدون أن القضاء على الصراع الطبقي يتطلب القضاء على البورجوازية والدولة، وبالتالي نفي العلاقات الدولية القائمة. أما النظريات النقدية/البنائية، فترفض النظرة المادية للواقع الدولي، مؤكدة على دوره الإجتماعي، حيث تلعب الأفكار والقيم دوراً أساسياً. ويرفضون مفهوم الفوضى الأبدية للواقعيين الجدد، مؤكدين أن الفوضى والمصلحة الوطنية ليست قوانين ثابتة، بل افتراضات. ويعتبر ونت الفوضى مفهوماً فارغاً، يتحدد بناءً على تصور الدول لبعضها البعض. يتشارك النسويون مع البنائيين في نظرتهم الإجتماعية، مستخدمين مفهوم الجندر كأداة تحليلية. ويرون أن العلاقات الدولية ذات صبغة ذكورية خالصة، لا تعكس حقيقة أن النساء يشكلن نصف سكان العالم، مدافعين عن ضرورة تغييرها لتحريرها من الهيمنة الذكورية. يبقى الجدل مستمرا حول فرضية الإستمرارية أو التغير، متأثراً بالمرجعيات الفلسفية والإبستمولوجية المتباينة. هذا ما يقودنا إلى المشكلة الثانية المتعلقة بتحديد طبيعة نظرية العلاقات الدولية.