إن من مهام الأنثروبولوجیین العـرب فـي الوقـت الحاضـر ألا تقتـصر جهـودهم ٕوانمـا لابـد وأن تتـضمن دراسـاتهم أیـضا الفحـص الـدقیق جمـع المـادة الأثنوجرافیـة.للأعمـال التراثیـة، بهـدف الكـشف عـن الجوانـب المنهجیـة المـشتركة بـین الكتـابوالتي یكونون قد استمدوها من معـارفهم وتـربیتهم الدینیـة أساسـا. وفـي هـذا الـصدد ینبهنـا الأسـتاذ الـدكتور توفیـق الطویـل إلـى حقیقـة هامـة وهـي أن «الحیـاة العقـلـیــة عـنـــد الــشرقیین كانــت أوثـــق اتـــصالا بحیـــاتهم الدینیــة منهـــا بــالتفكیر الفلـــسفي الخـالص، فـقــد امتـزج هـذا التفـسیر بـالتفكیر الـدیني فـي شـتى عـصور الإنـسانیة، . فنجد في ملحمة الإلیاذة للشاعر الیوناني همیروس الذي عاش فـي القـرن التاســــع قبــــل المــــیلاد وصــــف لمجتمعــــات المــــدن الإغریقیــــة كیــــف تحولــــت مــــن مجتمعات بربریة تحارب بعضها البعض بوحشیة إلـى مجتمعـات مدنیـة متحـضرة.كمـا كتـب المـؤرخ الیونـاني هیـرودتس الـذي عـاش بعـده بأربعـة قـرون عـن المـدن التي زارها فـي حـضارات الـشرق القـدیم، كمـصر ولیبیـا وأثیوبیـا وبابـل، تحـدث عـن عادات وتقالید شعوب هـذه المجتمعـات وبـین تـأثیر المنـاخ والنیـل علـى المـصریین أسس الفلسفة، دار النھضة العربیة، ط٥ ،١٩٦٧م، ص٤٦ .٣٢ولمــا انتهــت الحــضارة الیونانیــة وجــاءت بعــدها الحــضارة الرومانیــة توجهــت جهــود هــذه الحــضارة نحــو الإنجــازات المادیــة والعملیــة، ولــم تهــتم كثیــرا بــالعلوم النظریــة مــع ذلــك قــدم المــؤرخ الروانــي كــاروس لوكرتیمــوس أفكــار عــن التطــور