التحذير من الفرق المخالفة لهذا لمنهج الحق ورأس ذلك بين في قوله --:" افتَرَقَت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فِرقةً، وتَفرَّقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقةً، قال ابن تيمية -رحمه الله-:( وهؤلاء أمر النبي -- بقتالهم ؛ لأن معهم دينا فاسداً لا يصلح به دنيا، عن سويد بن غفلة قال: قال علي – رضي الله عنه-: إذا حدَّثتكم عن رسول الله -- حديثا فلأن أخرَّ من السماء أحبُّ إليَّ من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإنما الحرب خدعة، سمعت رسول الله -- يقول: " يأتي في آخر الزمان قوم حُدَثَاءُ الأسنَانِ، يقولون من قول خير البريَّة، يمرُقون من الإسلام كما يَمْرُقُ السَّهمُ من الرَّمِيَّةِ، فأينما لقيتموهم فاقتُلُوهُم، فإنَّ في قتلهم أجرٌ لمن قتَلهم يوم القيامة "( ). وهم قد خرجوا قبل ذلك بأكثر من ستين سنة، ويمكن الجمع بأن المراد بآخر الزمان زمان خلافة النبوة، وقتلهم بالنهروان في أواخر خلافة علي سنة:28هـ( ). قال النووي- رحمه الله-:( قوله --:" أحداث الأسنان، قال النووي- رحمه الله-:( قوله --:" يقولون من خير قول البرية " معناه في ظاهر الأمر كقولهم:( لا حكم إلا لله ) ونظائره من دعائهم إلى كتاب الله تعالى )( ). وقال ابن حجر - رحمه الله-:( ويحتمل أن يكون على ظاهره، والمراد القول الحسن في الظاهر، قال النووي- رحمه الله-:( " يمرقون من الإسلام " وفي الرواية الأخرى:" يمرقون من الدين" قال القاضي: معناه: يخرجون منه خروج السهم إذا نفذ الصيد من جهة أخرى، ولم يتعلق به شيء منه. وهي فعيلة بمعنى مفعولة . وقال ابن بطال- رحمه الله-:( قوله: " يمرقون من الدين " فالمروق عند أهل اللغة الخروج يقال: مرق من الدين مروقاً خرج ببدعة، ومنه قيل للمرق مرق لخروجه )( ). وأشار ابن عبد البر - رحمه الله- إلى سبب مروقهم من الدين وهو ما أحدثوه فيه من انحرافات وضلالات فقد استحلوا بما تأولوا من كتاب الله- عز و جل- دماء المسلمين، فمرقوا من الدين بما أحدثوا فيه مروق السهم من الرمية( ). وليس معنى أنهم يمرقون من الدين أنهم يكفرون. وعن طارق بن شهاب قال: كنت عند علي، قيل: فمنافقون هم؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً، قيل له: فما هم؟ قال: قوم بغوا علينا( ). قال النووي- رحمه الله-:( ومذهب الشافعي، وقال الخطابي- رحمه الله-:( أجمع علماء المسلمين على أن الخوارج مع ضلالتهم، وكله يطلق على مجرى النفس، قال النووي- رحمه الله-:( قوله -- " فإذا لقيتموهم، فإن في قتلهم أجراً " هذا تصريح بوجوب قتال الخوارج والبغاة، قال القاضي: أجمع العلماء على أن الخوارج، وجب قتالهم بعد إنذارهم، قال ابن تيمية- رحمه الله-:( وقد استفاض عن النبي -- الأحاديث بقتال الخوارج وهي متواترة عند أهل العلم بالحديث . وهؤلاء قاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بمن معه من الصحابة، واتفق على قتالهم سلف الأمة وأئمتها، وقال ابن هبيرة- رحمه الله-:( وفي الحديث أن قتال الخوارج أولى من قتال المشركين والحكمة فيه: أن في قتالهم حفظ رأس مال الإسلام، وفي قتال أهل الشرك طلب الربح، وعن زيد بن وهب الجهني أنه كان في الجيش الذين كانوا مع علي -رضي الله عنه- الذين ساروا إلى الخوارج، إني سمعت رسول الله -- يقول:" يخرج قوم من أمتي، يقرؤون القرآن ليس قراءتكم إلى قرائتهم بشيء، ما قُضي لهم على لسان نبيهم -- لاتَّكَلُوا عن العملِ، على رأس عضده مثل حلمة الثدي، فتذهبون إلى معاوية وأهل الشام، وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم؟! والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم، قال سلمة بن كهيل: فنزَّلني زيد بن وهب منزلاً؛ فلما التقينا وعلى الخوارج يومئذ عبد الله بن وهب الراسبي، فقال لهم: ألقوا الرماح، قال وقتل بعضهم على بعض، فقام علي -رضي الله عنه- بنفسه؛ حتى أتى ناساً قد قتل بعضهم على بعض، قال ابن حجر- رحمه الله-:( " لا تجاوز صلاتهم تراقيهم " فكأنه أطلق الإيمان على الصلاة، وله في حديث أبي ذر لا يجاوز إيمانهم حلاقيمهم، وعن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله -- أن الحرورية لما خرجت، وهو مع علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قالوا: لا حكم إلا لله. قال علي: كلمة حق أريد بها باطل، إن رسول الله -- وصف ناساً إني لأعرف صفتهم في هؤلاء: يقولون الحق بألسنتهم لا يجوز هذا منهم - وأشار إلى حلقه - من أبغض خلق الله إليه، فلما قتلهم علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: انظروا، فأتوا به حتى وضعوه بين يديه. قال عبيد الله: وأنا حاضر ذلك من أمرهم، قال النووي - رحمه الله- في قول علي:( كلمة حق أريد بها باطل ):( معناه أن الكلمة أصلها صدق، قال الله تعالى: ﭽ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﭼ[الأنعام:57] لكنهم أرادوا بها الإنكار على علي -رضي الله عنه- في تحكيمه )( ). وعن أبى سعيد الخدري - رضى الله عنه - قال بعث علي - رضى الله عنه – إلى النبي -- بذُهَيبَةٍ، فقسمها بين الأربعة: الأقرع بن حابس الحنظلي ثم المجاشعي، وعيينة بن بدر الفزاري، ثم أحد بني نبهان، وعلقمة بن عُلاثة العامري، ثم أحد بني كلاب، قالوا: يعطي صناديد أهل نجد ويدعنا؟ فقال: " إنما أتألَّفهم " فأقبل رجل غائر العينين، فلا تأمنوني؟" فسأله رجل قتله - أحسبه خالد بن الوليد - فمنعه، فلما ولَّى قال" إن من ضئضئ هذا - أو في عقب هذا - قوم يقرؤون القرآن، يمرقون من الدين مُروق السهم من الرَّمِيَّة، لأقتلنهم قتل عاد "( ). قال ابن عبد البر–رحمه الله-:( قوله:" يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم " فمعناه أنهم لم ينتفعوا بقراءته إذ تأولوه على غير سبيل السنة المبينة له، وتكفيرهم السلف ومن سلك سبيلهم، وأضلوا فلم ينتفعوا به ولا حصلوا من تلاوته إلا على ما يحصل عليه الماضغ الذي يبلع، وقال ابن عبد البر–رحمه الله-:( معنى قوله:" لا يجاوز حناجرهم " يقول: لا ينتفعون بقراءته، كما لا ينتفع الآكل والشارب من المأكلون والمشروب بما لا يجاوز حنجرته. وقد قيل إن معنى ذلك: أنهم كانوا يتلونه بألسنتهم، ولا تعتقده قلوبهم، وقال ابن عبد البر–رحمه الله-:( وفي هذا الحديث نص على أن القرآن قد يقرؤه من لا دين له، وقال ابن حجر-رحمه الله-:( قوله:" يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان " وهو مما أخبر به صلى الله عليه و سلم من المغيبات فوقع كما قال )( ). لأقتلنهم قتل عاد " قال ابن حجر-رحمه الله-:( وقد استشكل قوله: " لئن أدركتهم لأقتلنهم " مع أنه نهى خالداً عن قتل أصلهم، واستدل به على تكفير الخوارج وهي مسألة شهيرة في الأصول )( ). وعن أبى سعيد الخدري - رضي الله عنه- قال بينا النبي -- يقسم ذات يوم قسماً، فقال ذو الخويصرة - رجل من بني تميم -: يا رسول الله اعدل، من يعدل إذا لم أعدل؟ " فقال عمر: ائذن لي فلأضرب عنقه، يمرقون من الدين كمروق السَّهم من الرمية، ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، قال أبو سعيد أشهد لسمعته من النبي -- وأشهد أني كنت مع عليٍّ حين قاتلهم، فأتى به على النعت الذي نعت النبي--( ). قوله:( ذو الخويصرة): يقال أن ذا الخويصرة اسمه حرقوص وروى عن محمد بن كعب القرظي أنه قال:( حرقوص بن زهير هو ذو الثدية، وهو الذي قال للنبي--: ما عدلت )( ). قوله--" يخرجون على حين فرقة من الناس ": أي في وقت افتراق الناس، قوله--:" آيتهم رجل إحدى ثدييه مثل ثدي المرأة " قال ابن حجر:( اسم هذا المذكور المقتول في وقعة النهر نافع كما تقدم، قال ابن حجر–رحمه الله-:( قال القرطبي: إنما منع قتله، وأن كان قد استوجب القتل لئلا يتحدث الناس أنه يقتل أصحابه، ولا سيما من صلى كما تقدم نظيره في قصة عبد الله بن أبي. وقال المازري: يحتمل أن يكون النبي -- لم يفهم من الرجل الطعن في النبوة، والأنبياء معصومون من الكبائر بالإجماع واختلف في جواز وقوع الصغائر، أو لعله لم يعاقب هذا الرجل لأنه لم يثبت ذلك عنه بل نقله عنه واحد وخبر الواحد لا يراق به الدم انتهى. حتى استأذنوه في قتله فالصواب ما تقدم )( ). قال النووي–رحمه الله-:( وفي هذا الحديث معجزات ظاهرة لرسول الله -- فإنه أخبر بهذا وجرى كله كفلق الصبح، ويتضمن بقاء الأمة بعده -- وأن لهم شوكة وقوة خلاف ما كان المبطلون يشيعونه، ويبالغون في الصلاة والقراءة، وعن أبى سعيد الخدري - رضى الله عنه - أنه قال سمعت رسول الله -- يقول: " يخرج فيكم قوم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّمِيَّةِ، ويَتَمَارَى في الْفُوقِ "( ). قال ابن عبد البر-رحمه الله-:( وقوله: " يتمارى في الفوق " أي يشك إن كان أصاب الدم الفوق أم لا؟ و " الفوق " هو الشيء الذي يدخل فيه الوتر. قال يقول: فكما يخرج السهم نقياً من الدم لم يتعلق به منه شيء، وعن أبي سلمة وعطاء بن يسار أنهما أتيا أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه- فسألاه عن الْحَرُورِيَّةِ، يقرؤون القرآن لا يجاوز حلوقهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، فينظر الرَّامِي إلى سهمه، فَيَتَمَارَى في الْفُوقَةِ هل عَلِقَ بها من الدَّمِ شيء "( ). وتعاقدوا عندها على قتال أهل العدل ( وحروراء ) بفتح الحاء وبالمد قرية بالعراق قريبة من الكوفة. لخروجهم على الجماعة، وعن أبى سعيد الخدري - رضى الله عنه - عن النبي -- قال:" يخرج ناس من قبل المشرق، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّمِيَّةِ، حتى يعود السهم إلى فُوقِهِ " قيل: ما سيماهم؟ قال:" سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ "أو قال: " التَّسْبِيدُ "( ). وهي من جهة المشرق بالنسبة إلى مكة المشرفة )( ). قال النووي-رحمه الله-:( واستدل به بعض الناس على كراهة حلق الرأس، وعن أبى سعيد الخدري - رضي الله عنه- أن النبي -- ذكر قوماً يكونون في أمته يخرجون في فُرقة من الناس سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ قال:" هم شرُّ الخلق - أو من أشرِّ الخلق - يقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق " قال فضرب النبي-- لهم مثلاً، أو قال قولاً:" الرجل يرمى الرمية - أو قال الغرض - فينظر في النصل فلا يرى بصيرة، وينظر في الفوق فلا يرى بصيرة " قال: قال أبو سعيد: وأنتم قتلتموهم يا أهل العراق( ). قال النووي -رحمه الله-:( قوله --:" هم شر الخلق أو من أشر الخلق " هكذا هو في كل النسخ أو من أشر بالألف، وهي لغة قليلة والمشهور شر بغير ألف، وفي هذا اللفظ دلالة لمن قال بتكفيرهم،