المحاضرة السادسة تتناول الاحتلال الوندالي لمغرب إفريقيا (429-534م) ومقاومته. بدأ الوندال، وهم شعب جرماني بربري، من سواحل البلطيق، وانتقلوا عبر جنوب ألمانيا، وبلاد الغال، وإسبانيا (حيث أطلقوا على منطقة غرناطة وجيان اسم "بندالوسيا"، التي تحولت لاحقاً إلى الأندلس) قبل توجههم لإفريقيا. يرى الباحثون أن أسباب احتلالهم لمغرب إفريقيا اقتصادية وسياسية، مرتبطة بضعف الإمبراطورية الرومانية، وكثرة الانقلابات، وحروبها مع القبائل المورية. أهم هذه الأسباب: الثراء الاقتصادي لإفريقيا، والظروف السياسية في الإمبراطورية، خاصةً تحالف حاكم روماني مع الوندال، وخوف ملكهم جنسيريك من قبائل جرمانية أخرى، وعدم استقرارهم في إسبانيا، واستغلال ضعف الإمبراطورية الرومانية. في عام 429م، عبروا مضيق جبل طارق بقيادة جنسيريك (80,000 شخص، 15,000 جندي) استجابة لنداء حاكم روماني مُعزول، متجهين شرقاً من طنجة إلى أتافا، ثم نوميديا بحلول عام 430م. رغم محاولات روما لإيقافهم، إلا أنهم سيطروا على أجزاء من شمال إفريقيا، بما في ذلك هيبون ريجيوس (بعد حصار 14 شهراً) التي جعلها جنسيريك عاصمة له. بعد ذلك، أعاد الإمبراطور فالنتينيان الثالث الحاكم بونيفاس إلى منصبه، إلا أن الوندال رفضوا الانسحاب، فاحتلو عنابة عام 431م. لم تتجاوز سيطرتهم مقاطعة البروقنصالية والبيزاكينا وأجزاء من الساحل، ونوميديا، حيث قسمت نوميديا بعد 455م بينهم وبين القبائل المورية. في عام 435م، وقع الوندال اتفاقاً مع روما، إلا أنهم انتهكوه، واستولوا على قرطاجنة عام 439م، مُنشئين دولة وراثية حكمها ستة ملوك (جنسيريك، هنريك، جونثاموند، ثراساموند، هلدريك، جليمار). توسع الوندال في حوض المتوسط، واحتلوا جزرًا، وأغاروا على روما عام 455م. لم يُغيروا النظام الإداري الروماني، لكنهم حكموا بالاستبداد، وصادروا الأراضي والممتلكات، واضطهدوا الكاثوليك. انتهت دولتهم بثورات داخلية وخلافات، فاستنجد هلدريك المخلوع بجستينيان الذي أرسل حملة بيزنطية عام 533م بقيادة بليزاريوس، استغلت غياب الأسطول الوندالي. سقطت قرطاجنة عام 534م، وانتهى الحكم الوندالي دون ترك أثر حضاري يُذكر.