هل يمكن تطبيق المنهج التجريبي على المادة الحية ؟ 1 طرح المشكلة العلم هوتك المعرفة المؤكدة بالتجريب ، أو هو جملة المفاهيم التي تم الوصول إليها انطلاقا من اعتماد الخطوات المنهجية المقترحة من طرف فرانسيس بيكون في مشروع الأورغلون الجديد إن قيمة النتائج التي حققها المنهج التجريبي على مستوى الظواهر الجامدة ، جعلت الكثير من الدارسين يؤمنون بإمكانية إخضاع المادة الحية لنفس القوانين التي تحكم المادة الجامدة ، لكن الظاهرة الحية بدرجة عالية من التعقيد ، وهو ما طرح الاعتقاد القائل بان الشروط الفيزيائية غير كافية لتفسير الظواهر البيولوجية ، لذا هل من صواب بين القبول وا فضا وهل يمكن إخضاع المادة الحية لنفس القوانين التي تحكم المادة الجامدة ؟ أم أن الوظائف الحيوية التي تنفره بها تحول دون ذلك ؟ بل هل الدراسة العلمية المادة الحية أمر متعذر ومستحيل ؟ أم أنه يمكن تجاوز كل العوائق والنجاح في التجريب على المادة الحية . 11 محاولة حل المشكلة الأطروحة الأولى ، الدراسة العلمية في المادة الحية أمر متعذر ومستحيا . البرهنة : المادة الحية ( ممثلة في الإنسان والحيوان والنبات تتميز بخصائص معقدة تختلف كثيرا عن المادة الجامدة لذا العالم العلماء في تعبيتهم للمنهج التجريبي بعوائق شتى كطبيعة الموضوع وتصنيف الحوادث وتعميم النتائج ، ومن ذلك فانه من المستحيل أن تخضع هذه الظواهر المبدأ الحتمية الذي يعد قانونا ثابتا يحكم الظواهر الجامعة ( استحالة التنبل ) لموضوع دراسة البيولوجيا هو الكائن الحي الذي يتضمن ثلاث خصائص وهي النمو والتغير والتكاثر ، والمادة الحية وحدة متكاملة ، إذ كل جزء فيها تابع الشكل ولكل الأجزاء الأخرى ، فأجزاء الكائن الحي تكون دوما متازرة وتؤلف وحدة غير قابلة للانقسام ، بينما لا تشكل المادة الجامعة أية وحدة متماسكة ، إذا يمكن تفكيكها إلى أجزاء متناهية دون أن تفقد هذه المادة طبيعتها ، لكن بالنسبة للمادة الحية إذا أجرينا عليها نفس العملية كان ننزع عضوا من أعضاء الكائن الحي فستستجيب كوحدة تختلف تماما عما كانت عليه ، يقول " كوفيي " إن سائر اجسام الجسم الحي مرتبطة فيما بينها ، فهي لا تستطيع الحركة إلا بقدر ما تتحرك كلها ، والرغبة في فصل جزء من الكتلة معناء نقله إلى نظام الذوات الميتة ، أي تبديل ماهيته تبديلا تاما و ليست ظواهر المادة الحية سهلة التصنيف كما هو الشأن في ظواهر المادة الجامدة حيث يتيسر التمييز بين ما هو فيزيائي وما هو كيميائي ، إذ كل كائن يتعلوي على الخصوصيات ينفرد بها عن غيره ، وكل محاولة للتصنيف تقضي على فردية الكائن الحي ، ولقد وضع ليبنتز قاعدة وهي أنه لا يوجد فردان متشابهان فالفار مثلا اين تصنفه ؟ مع الثدييات أم القوارض ؟ وإذا كان ينتمي إلى الفصيلتين معا ، فهل نتائج التجريب عليه تعممها على الثدييات أم القوارض ! نفس الشأن مع الخفاش الذي ينتمي إلى الثدييات والطيور النتائج التي تتحصل عليها عند تطبيقنا للمنهج التجريبي وتحاول توسيعها على جميع أفراد الجنس الواحد فيها تعسف واضح ، فالكائنات الحية لا تكون هي هي مع أنواع أخرى . ضف إلى هذا فإن ما يصدق على قار المختبر لا يصدق على بقية الفئران في وسطها الطبيعي ، فالكائن الحي لا يكون هو هو إلا في محيطه الأصلي وتغيير هذا المحيط من حالته الطبيعية إلى شروط اصطناعية يخلق في الكائن الحي نوع من الإضطراب وندراسة الخلايا والأنسجة والبكتيريا ( وهذه كلها كائنات حية ) . لا بد من قتلها وتثبيتها ثم تلوينها قبل أن توضع تحت المجهر وقتل الخابة وتخت ها وتكوينها معناه حتما إفسادها . ولسنوات ماوال كان العلماء يعتقدون أن الشرايين موصلة للهواء ، لأنهم كانوا يجدونها دائما مقرعة من الهواء عند التشريح تجد بعض الأديان تحرم عملية تشريح الجثث لأن الإنسان ذات مقدسة وله كرامة لا يعبث بها تحت أي مبرر ، كما أن مسألة الاستنساخ مثلا أثارت معارضة شديدة من قبل علماء الدين والسياسة والاخلاق ، لأن العلم حاول تطبيق الاستنساخ الإغراض غير أخلاقية ، كذلك رأت بعض التيارات الإسلامية أن عملية زرع الأعضاء تدخل في قضاء الله وقدره . وتجد بعض الاتجاهات السياسية والأخلاقية تدعو إلى توقيف التجارب على بعض الحيوانات رفقا بها . إن طبيعة المادة الحية أدت إلى اعتماد التفسير الغائي كنموذج في الدراسة يراعي الخصوصية التي تنفرد بها . فالسؤال الذي يعتمده هذا التفسير هو لماذا ؟ وما الغاية من وجود العين الدماغ . وتعود هذه الرؤية إلى الطبيب اليوناني " جالينوس " حيث رأى أن الغايات الجزئية تشكل الغاية الكلية ( هي الغاية وجود الكائن الحي ) . وما يثبت قيمة هذا الاعتقاد أن حشرات كانت ثانيع على محصول زراعي محوريت بمبيد وكانت النتيجة هي القضاء على هذه الحشرة في موسم آخر حورب نفس النوع بنفس المبيد فكانت النتيجة أن الحشرة امتلكت مناعة مضادة للعبيد . وهذا يعني أن توفر نفس يؤدي إلى نفس النتائج .