القسم الثالث: أدلة صحة القرآن: 1- أن يأخذ الدارس فكرة عامة عن كتاب النبأ العظيم أن يطلع الدارس على دلائل وبراهين كون القرآن ليس بشريا أن يتعرف الدارس على بعض المسائل المهمة لدى منكري
القرآن والمشككين به أن يدرك الدارس أن الإيمان بمعجزة القرآن قضية برهانية تقوم على أسس عقلية أن يأخذ الدارس فكرة عامة عن طرق العلماء المتقدمين بالحديث عن إعجاز القرآن وهذا القدر لا ختلف فيه مؤمن ولا ملحد، لأن شهادة التاريخ المتواتر به لا يماثلها ولا يدانهيا شهادة تعريف القرآن بنفسه وبالمتكلم به: لم يكن لمحمد صلى اللّٰه عليه وسلم عمل في القرآن إلا: 1- الوعي الحكاية والتبليغ البيان والتفسير التطبيق والتنفيذ وقل دل القرآن الكريم على ذلك في أكثر من آية منها: (إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي) إنا أنزلناه قرآنا عربيا) . (سنقرئك فلا تنسى) تصريح القرآن بأنه لا صنعة لمحمد ولا لغيره من الخلق القرآن صريح في أنه لا صنعة لمحمدٍ صلى اللّٰه عليه وسلم فيه ولا لأحد من الخلق، ولو انتحلها لما وجد أحدا من البشر يعارضه ويزعمها لنفسه الذي نعرفه كثيراً من الأدباء يسطون على آثار غيرهم، فإن قيل أن محمداً صلى اللّٰه عليه وسلم وحاشاه ادعى أن القرآن من عنده ليزيد بذلك التعظيم له، فهذا القياس باطل من وجهين لأن صاحب القرآن قد صدر عنه الكلام المنسوب إلى نفسه والكلام المنسوب إلى اللّٰه تعالى، فلم تكن نسبته إلى مانسبه إلى نفسه بناقصه من لزقم طاعته شيئًا، بل استوجب على الناس الطاعة على السواء ويأبى ذلك الواقع التاريخي، وسيرته صلى اللّٰه عليه وسلم شواهد صدق النبى صلى اللّٰه عليه وسلم فى دعوى الوحى فمن ذلك حادثة الإفك 2- دلالة آيات العتاب على مصدرية القرآن وهي كثيرة، ماكان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) أرأيت لو كانت هذه التقريعات المؤلمة صادرة عن وجدانه، ولو كان كاتماً شيئا لكتم أمثال هذه الآيات، ولكنه الوحي لا يستطيع كتمانه 3- توقف الرسول صلى اللّٰه عليه وسلم في بيان القرآن ودلالته على المصدرية، ولقد كان يجينه الأمر أحيانا بالقول المجمل، صلح الحديبية، وإني رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم ولست
أعصيه سيرته العامة دلالة على أن القرآن من عند اللّٰه عزوجل: ظاهره كباطنه لا يخون أبدا، (إنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة الأعين) وفاة عثمان بن مظعون رضي اللّٰه عنه (إني رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم وما أدري ما يفعل بي) يقول عبدالله دراز رحمه الله: فنحن قد نرى الناس يدرسون حياة الشعراء في أشعارهم فيأخذون عن الشاعر من كلامه صورة كاملة تتمثل فيها عقائده وعوائده وأخلاقه ومجرى تفكيره وأسلوب معيشته، ذلك أن للحقيقة قوة غلابة تنفذ من حجب الكتمان فتقرأ بين السطور وتعرف في لحن القول، هل يمكن أن يكون القرآن إيحاء ذاتيا من نفس محمل ملان يه من أليس يكفي للحكم ببراءة إنسان من عمل من الأعمال أن يقوم من طبيعته شاهد بعجزه على القيام بهذا العمل؟ هل كان النبي صلى اللّٰه عليه وسلم أهلا بمقتضى وسائله العلمية لأن تجيش نفسه بتلك المعاني القرآنية المعانى النقلية فى القرآن لا تستنبط بالعقل ولا بالوجدان في القرآن جانب كبير من المنقولات التي لا تدرك بالوجدان، ولا مجال للذكاء والاستنباط فيها، ولا سبيل إلى علمها لمن غلب عنها إلا بالدراسة والتلقي والتعلم، ماذا يقولون فيما قصه القرآن من أنباء ماقد سبق؟ لعقل حدٌّ فى الإدراك ذلك أن العقول البشرية لها في إدراك الأشياء طريق معين تسلكه. فكل شيء لم يقع تحت الحس الظاهر أو الباطن مباشرة، ولم يكن مركوزًا في غريزة النفس، إنما يكون إدراك العقول إياه عن طريق مقدمات معلومة توصل إلى ذلك المجهول، إما بسرعة كما في الحدس، وإما ببطء كما في الاستدلال والاستنباط والمقايسة. وكل ما لم تمهد له هذه الوسائل والمقدمات لا يمكن أن تناله يد العقل بحال، أمثلة من إخبار القرآن بالمستقبل ما يتصل بمستقبل المؤمنين ومع ذلك كان النبي صلى اللّٰه عليه وسلم يقول: سيهزم الجمع ويولون الدبر، أو ناقصاً ليكمل أو كلاما ليزداد كمالاً؟ ألم يكن يخشى بهذا التحدي ان يثير حميتهم الأدبية فيهبوا لمنافسته وهم جميع حذرون إن هذا وايم اللّٰه ضمان لا يملكه بشر، ولو كان ملكاً محجباً تسير الحفظو بين يديه ومن خلفه، فكم رأينا ورأى الناس من الملوك والعظماء من اختطفتهم يد الغيلة، وهم في مواكبهم تحيط بهم الجنواد والأعوان بينما يقول النبي صلى اللّٰه عليه وسلم: يا أيها الناس انصرفوا عني فقد عصمني اللّٰه وفي غزوة حنين حينما غشي صلى اللّٰه عليه وسلم الجموع وقال: أنا النبي لا كذب انا ابن عبد المطلب النوع الثانى: ما يتصل بمستقبل المؤمنين كان القرآن في مكة يقص على المسلمين من أبناء الرسل ما يثبت به فؤادهم، يقول مولانا: لهم الغالبون) النوع الثالث: ما يتصل بأخبار الحزبين: هذه الحجة من أكثر الحجج إضحاكاً، فلطالما فرح الناس بمنجزاتهم، سواء أكانت علميةً أو أدبية، وهل كان النبي صلى اللّٰه عليه وسلم مولوداً في المريخ؟ وهبط على قومه حينما أراد أن يدعوهم؟ ام كانوا يعرفونه، او حتى ما تجرؤوا على نسب الكلام لأنفسهم وإن كان على فخذ أحد كاد يرضه فظاهرة الوحي كانت شديدةً على النبي صلى اللّٰه عليه وسلم، ويصدر أصواتاً كالازيز حتى أنه لو وجد ملقى في صحراء لأثيقن الناظر فيه أن ليس من هذه الأرض منبعه ومنتبته، وإنما كان من أفق السماء مطلعه ومهبطه وإننا ندعو هؤلاء أن ينظروا كيف شاؤوا وأن يطلبوا الحق بإنصاف، فإننا ننصحه أن يراجع كلام العرب وأساليبهم، وتعابيرهم، وأننا نوقن أنه لو تجرد بذلك صادقاً، لكان كل علم يعلمه مزيداً، مفضياً له إلى مزيدٍ من الإجلال والتعظيم لرب هذا القرآن، دعوناه لميدان الحرب، فقلنا: هاتِ أفضل ما عندك نرى صدق إدعائك، ويكرره ويحسنه، فإنه به سينتشر شناره وعاره (= فلم يرفع أحدّ رأسه أمام القرآن، والقول: إنك لن تستطيع الإتيان بمثل هذا القرآن؟ فقد كانت الأسباب موفورة، فقد همت قريش أشد الهم بمحمدٍ صلى اللّٰه عليه وسلم، وعذبت أتباعه، بل وعرضت عليه أصناف الملك، عله يعود بذلك إلى ما يريدون، أسلوب القرآن ودلالته على المصدرية: ومن تأمل الفرق بين السنة النبوية والقرآن لوجداً بوناً شاسعاً بالأسلوب، لأن الكاتب مهما تقمص فإنه يستعمل كلماتٍ معينةٍ بكثرة، فالأسلوب القرآني يحمل طابعاً لا يلتبس معه بغيره، ولا يجعل طامعا يطمع أن يحوم حول حماه، بل يدع الأعناق تشرئب إليه ثم يدركها ناكسة الأذقان على الصدور أو يقفون عندها، أو يبنون عليها موقفاً، وتغير آراؤهم في لحظة . وما ذلك إلا من سطوة القرآن الكريم فإذا أنت لم يلهك العطاء عما تحته من الكنز الفين، وكشفت الصدفة عن درها، القرآن فى قطعة قطعة منه لأنه لا يجد في القليل من اللفظ ما يشفي صدره، ويؤدي عن نفسه رسالتها كاملة ولا تخلو قصيدةٌ مما ينغصها وانظر القرآن مرةً أخرى، وإن يعلو ولا يعلى عليه، (لو نزعت منه لفظة ثم أدير لسان العرب في أن يوجد أحسن منها لم توجد كما وصفه اللّٰه عزوجل: (كتابٌ أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) والعكس لو خاطبت الأغبياء باللمحة والإشارى فهو قرآن واحد يراه البلغاء أو فى كلام بلطائف التعبير، لا يتلوي على أفهامهم، وحاجة كل واحدة منهما غير حاجة أختها، فأما إحداهما فتنقب عن الحق لمعرفته، ويطير إلى نفسك بهذين الجناحية، او محتمل للصحة، كأنما هي فص من ألماس يعطيك كل ضلع منه شعاعاً أهداف القسم: ٣. أن يدرك **الإعجاز البياني** للقرآن كآيةٍ على صدقه. **بيان مصدر القرآن وأنه بلفظه من عند الله تعالى** لتواترها يقينًا. دور النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن: ٣. **التفسير** العملي له. والدليل قوله تعالى: القرآن **صريحٌ** في نفي أي دورٍ للنبي أو غيره في صياغته، ولكان في ذلك رِفعةٌ له،