السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا وبركًا في صلي وسلم على رسول محمد وآله وصحابه أجمعين اللهم أنفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا وزيدنا وارزقنا علماً ينفعنا كان آخر ما ذكر الشيخ رحمه الله أنواع الاختلاف في التفسير المسند وقسمه إلى النقل أولًا وقسمه إلى النقل عن المعصوم وغير المعصوم وإلى ما يمكن معرفة الصحيح والضعيف وما لا يمكن ثم تحدث عن النوع الثاني المسند إلى الاستدلال وقسمه إلى قسمين أناس اعتقدوا أشياء ثم حملوا القرآن عليها وتارة أن يكون ما اعتقدوه خطأً واستدلالهم خطأً فيكونوا خطأهم في الدليل وفي المدلول ثم ذكر النوع الثاني أيضًا هو أن يفسر القرآن بمحض اللغة لمجرد اللغة بغض النظر عن المتكلم بالقرآن ومن أنزل عليه القرآن ومن خُطِب بالقرآن وقال هذان النوعان لا يوجدان في تفسير السلف رحمه الله ثم استدرت كعادته رحمه الله ليتحدث عن مسائل وأمور ويتحدث عن تفسير أهل البدع وتفسير أهل البدع والتفسير الذي حملوه على مذاهبهم يعتقدوا مذاهبهم كما في الحال الأولى ثم حملوا هذا التفسير على مذاهبهم كالتفاسير المعتزلة والخوارج والروافض وغيرهم سيذكر رحمه الله جملةً من الأمثلة قال رحمه الله وهذا كالمعتزلة مثلاً فإنه من أعظم الناس كلاماً وجدالا وقد صنَّه تفاسير على أصول مذهبهم مثل تفسير عبد الرحمن بن كيسان الأصم شيخ إبراهيم بن إسماعيل بن علية الذي كان يناظر الشافعي ومثل كتاب أبي علي الجبائي والتفسير الكبير للقاضي عبد الجبال بن أحمد الهمداني والجامع لعلم القرآن لعلي بن عيسى الرماني والكشاف لأبي القاسم الزمخشري فهؤلاء وأمثالهم اعتقدوا مذاهب الجماعة آيب المعتزلة وأصول المعتزلة خمسة يسمونها هم التوحيد والعدل والمنزلة بين المنزلتين وإنفاذ الوعيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذه أصول المعتزلة الخمسة يا أخوان التوحيد وتوحيدهم توحيد الجهمية القائم على نفي الصفات عن الرب سبحانه وبحمده ومعلوم مذهب المعتزلة في هذا والثاني العدل والعدل نفي القدر فهم القدرية ومذاهبهم أن الله تعالى لم يخلق الأشياء ولم يشاءها وأن أفعال العبد خيرها وشرها لم يخلقها الله عز وجل وإنما الذي أوجدها العبد نفسه والمنزلة بين المنزلتين وهما يسمونه بالفاسق الملي فإن الناس عندهم ثلاثة مسلم وكافر وبينهما فاسق خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر في الدنيا أما الخوارج فيكفرونه يعني مرتكب الكبيرة لكنهم يتفقون مع الخوارج في المسألة الرابعة وهي إنفاذ الوعيد وهي أن مرتكب الكبيرة خالد مخلد في النار ولهذا بنوا على هذا المذهب إنكار الشفاعة فهم ينكرون الشفاعة في أهل الكبائر والأصل خامس عندهم الأمر معروف والنهي عن المنكر وأصلهم هذا معناه الخروج على ولاة أمور المسلمين هذه أصول المعتزلة الخامسة نعم فتوحيدهم هو توحيد الجهمية الذي مضمونه نفي الصفات وغير ذلك قالوا إن الله لا يُرى وإن القرآن مخلوق وإنه تعالى ليس فوق العالم وإنه لا يقوم به علم ولا قدرة ولا حياة ولا سمع ولا بصر ولا كلام ولا مشيئة ولا صفة من الصفات وأما عدلهم فمن مضمونه أن الله لم يشأ جميع الكائنات ولا خلقها كلها ولا خلقها وأما عدلهم فمن مضمونه أن الله لم يشأ جميع الكائنات ولا خلقها كلها ولا هو قادر عليها كلها بلوا عندهم أن أفعال العباد لم يخلقها الله لا خيرها ولا شرها ولم يرد إلا ما أمر به شرعًا وما سوى ذلك فإنه يكون بغير مشيئة وقد وافقهم على ذلك متأخر الشيعة كالمفيد وأبي جعفر الطوسي وأمثالهما ولأبي جعفر هذا تفسير على هذه الطريقة لكن يضم إلى ذلك قول الإمامية الاثني عشرية فإن المعتزلة ليس فيهم من يقول بذلك ولا من ينكر خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ومن أصول المعتزلة مع الخوارجين فأذوا الوعيد في الآخرة وأن الله لا يقبل في أهل الكبائر شفاعة ولا يخرج منهم أحدًا من النار ولا ريب أنه قد رد عليهم طوائف من المرجئة والكرامية والكلابية وأتباعهم فأحسنوا تارة وأساءوا أخرى حتى صاروا في طرفين نقيض كما قد بسط في غير هذا الموضع والمقصود أن مثل هؤلاء اعتقدوا رأيا ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه وليس لهم سلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا من أئمة المسلمين ولا في رأيهم ولا في تفسيرهم وما من تفسير من تفاسيرهم الباطلة إلا وبطلانه يظهر من وجوه كثيرة وذلك من جهتين تارة من العلم بفساد قولهم وتارة من العلم بفساد ما فسروا به القرآن إما دليلا على قولهم أو جوابا عن المعارض لهم ومن هؤلاء من يكون حسن العبارة فصيحا ويدس البدع في كلامه وأكثر الناس لا يعلمون كصاحب الكشاف ونحوه حتى إنه يروج على خلق كثير ممن لا يعتقدوا الباطل من تفاسيرهم الباطلة ما شاء الله وقد رأيت من العلماء المفسرين وغيرهم من يذكر في كتابه وكلامه من تفسيرهم ما يوافق أصوله التي يعلم أو يعتقد فسادها ولا يهتدي لذلك ثم إنه لسبب تطرف هؤلاء وضلالهم دخلت الرافضة الإمامية ثم الفلاسفة ثم القرامطة وغيرهم فيما هو أبلغ من ذلك وتفاقم الأمر في الفلاسفة والقرامطة صاحب الكشاف يعني يدس بعض البدع صاحب الكشاف عالم في العربية وله أساس البلاغة وقد يروج على بعض الناس بعض كلامه لكونه يعني يدسه هذه البدع في عبارات قد تكون خفية حتى قال زركشي أخرجت اعتزالياته بالمناقيش لأنها لا قولة عز وجل (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز) قاله وأي فوز أعظم من الفوز بالجنة وبيد بهذا ماذا يا إخوان نظر إلى إنكار رؤية ما يتنبه الذي لا يعرف مذاهبهم قد لا يتنبه عن مثل هذا الكلام نعم وتفاقم الأمر في الفلاسفة والقرامطة والرافضة فإنهم فسروا القرآن بأنواع لا يقضي منها العالم عجبه حتى قال الأمر يا إخوان بالباطنية إلى إنكار المعاد وإنكار الجنة وإنكار النار والسبب هو فتح هذا الباب يا إخوان لما فتح المتكلمون باب التأويل في الصفات قالوا ليس هذا الباب وقفا عليكم أنتم تأوين الصفات ونحن نأول نصوص المعاد فأول نصوص المعاد إلى معاني الباطلة كذلك الجنة وكذلك النار وهذا يكثر في كلام الباطنية الباطنية الصوفية وباطنية الشيعة يعني مثل هذه التأويلات الفاسدة وسببه لما فتح هذا الباب باب التأويل وضلال يا إخوان إذا دخل فيه الإنسان حتى عند حد يستمر في تنقل فيه من ظلمة إلى ظلمة ومحفوظ ولهذا اهتمام الإنسان بالقرآن يا إخوان قراءته وتتبعه وكذلك بالسنة يعصمه الله سبحانه وتعالى بها قال تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) فلا تعتصموا إلا بحبل الله عز وجل فمن ترك الكتاب الله أو أوله بمثل هذه التأويلات فهو على خطر شديد وأذكركم ما ذكر في الدرس في الصباح من قول شيخ الإسلام من تدبر طالبا للهدى تبينه الحق من تدبر القرآن بهذا الشرط وبشرط أن يكون صادقا في نية طالبا للهدى حنأبد أن يتبينه الحق نعم فتفسير الرافضة كقولهم (تبت يد أبي لهب وتب) أبو بكر وعمر ولئن أشركت ليحبطن عملك) أبي بكر وعمر وعلي في الخلافة (وإن الله يأمركم أن تذبحوا) هي عائشة فقاتلوا أئمة الكفر طلحة والزبير مرج البحرين علي ناظر لا يسمى تفسيرا ولا يسمى يرتقي إلى أي درجة من درجات التي يستحق من ناجها النظر لكن شيخ الإسلام يضرب بها الأمثلة على ما بلغ بهؤلاء من تلاعوا من نصوص الكتاب والسنة فسلبوا النصوص معانيها وأولها على هذه المعاني الزائغة المنحرفة التي ما يقولها شرع ولا عقل واللؤلؤ والمرجان الحسن والحسين( وكل شيء أحصيناه في إمام مبين) في علي بن أبي طالب ( وعما يتساءلون عن النبأ العظيم) علي بن أبي طالب (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ )هو علي ويذكرون الحديث الموضوع بإجماع أهل العلم وهو تصدقه بخاتمه في الصلاة وكذلك قوله (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ لَمَا أُصِيبَ بِحَمْزَةٍ وَإِمَّا يُقَرِّبُ هَذَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ مَا يَذْكُرُهُ كَثِيرٌ مِنَ المفسرين فِي مِثْلِ قَوْلِهِ (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ) عُمار قد يكون أفضل حتى من الصابر وهو النبي صلى الله عليه وسلم على حد زعمه نعم حسن الله إن الصابرين رسول الله والصادقين أبو بكر والقانتين عمر والمنفقين عثمان والمستغفرين علي وفي مثل قوله (محمد رسول الله والذين معه) أبو بكر (أشداء على الكفار) عمر رحماء بينهم) عثمان (تراهم ركعا سجدا) علي وأعجب من ذلك قول بعضهم (والتين) أبو بكر (والزيتون) عمر (وطور سينين) عثمان (وهذا البلد الأمين) علي وأمثال هذه الخرافات التي تتضمن تارة تفسير اللغة بما لا يدل عليه بحال فإن هذه الألفاظ لا تدل على هؤلاء الأشخاص بحال وقوله (والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا) كل ذلك نعت للذين معه وهي التي يسميها النحاة خبرا بعد خبر والمقصود هنا أنها كلها صفات لموصوف واحد وهم الذين معه ولا يجوز أن يكون كل منها مرادا به شخص واحد وتتضمن تارة جعل اللفظ المطلق العام منحصرا في شخص واحد كقوله إن قوله تعالى (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) أريد بها علي وحده وقول بعضهم إن قوله (والذي جاء بالصدق وصدق به) أريد بها أبو بكر وحده وقوله( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل) أريد بها أبو بكر وحده ونحو ذلك وتفسير ابن عطية وأمثاله أتبع للسنة والجماعة وأسلو من البدعة من تفسير الزمخشري ولو ذكر كلام السلف الموجود في التفاسير المأثورة عنهم على وجهه لكان أحسن وأجمل فإنه كثيرا ما ينقل من تفسير محمد بن جرير الطبري وهو من أجل التفاسير المأثورة وأعظمها قدرا ثم إنه يدع ما نقله ابن جرير عن السلف لا يحاكيه بحال ويذكر ما يزعم أنه قول محققين وإنما يعني به طائفة من أهل الكلام الذين قرروا وصولهم بطرق من جنس ما قررت به المعتزلة وصولها وإن كانوا أقرب إلى السنة من المعتزلة لكن ينبغي أن يُعطى كل ذي حق حقه ويعرف هذا منصف يا أخوان هذا الذي ينبغي أن يكون عليه طالب العلم أن يكون منصف وليكن قصده تتبع الهفوات والعثارات من يذكر ما هو حق وما هو باطل إذا تكلم عن أحد وربنا عز وجل عندما تكلم عن اليهود ذكر من لعن منهم ومن غضب عليه منهم ومن مسخ قردة وخنازير وذكر من هو على خير وصلاح منه في عدة (ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله) وما أشبه ذلك وهي كثيرة في القرآن فالإنصاف مطلوب حتى مع الخصوم في بيان الحق وبيان الباطل تفسير ابن عطية المحرر الوجيز يؤثني عليه على العلم لكن مثل ما قال رحمه الله يعني أنصفه كان ينقل عن ابن جرير ولكنه يترك ما يذكره ابن جرير عن السلف ويقرر قول من يراهم المحققون من المتكلمين وإن كانوا أحسن حالا من المعتزلة وبالجملة مثل هذه التفاسير يقرأها طالب العلم إذا كان عنده معرفة مسبقة يقرأها هكذا وإذا كان شيخ الإسلام قد ذكر منذ قليل أن بعض المفسرين من العلماء راجت عليهم بعض عبارات صاحب الكشاف فكيف الشخص المبتدي مثل هذه التفاسير لا يحرص عليها إلا إذا كان عنده ملكة وكان محصنا يا إخواني بالدين وبالعقيدة وبالعلم للدين يسلم فيه من الشهوات والعلم والعقيدة يسلم فيها من الشبهات ولو أن السلامة أسلم والبعد عن قراءة مثل هذه الأمور أحوط للإنسان في أهل ما يملك وهو دينه لكن ينبغي أن يعطى كل ذي حق حقه ويعرف أن هذا من جملة التفسير على المذهب فإن الصحابة والتابعين والأئمة إذا كان لهم في تفسير الآية قول وجاء قوم فسروا الآية بقول آخر لأجل مذهب يعقدوه وذلك المذهب ليس من مذاهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان صاروا مشاركين للمعتزلة وغيرهم من أهل البدع في مثل هذا وفي الجملة من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئًا في ذلك بل مبتدعًا وإن كان مجتهدًا مغفورًا له خطأه نعم هذه جملة تضعنا على خطة يا إخوان تقولها في الجملة فمن عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم كان مخطئًا بل مبتدعًا وإن كان مجتهد فاجتهد مغفور له لكنه لا يعذر في نسبته إلى البدعة ما دام أنه عدل عن تفسير الصحابة رضي الله عنهم وعن مذاهبه نعم فالمقصود بيان طرق العلم ودلته وطرق الصواب ونحن نعلم أن القرآن قرأه الصحابة والتابعون وتابعوهم وأنهم كانوا أعلم بتفسيره ومعانيه كما أنهم أعلموا بالحق الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم فمن خالف قولهم وفسَّر القرآن بخلاف تفسيرهم فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعًا ومعلوم أن كل من خالف قولهم له شبهةٌ يذكرها إما عقليةٌ وإما سمعيةٌ كما هو مبسوط في موضعه والمقصود هنا التنبيه على مثار الاختلاف في التفسير وأن من أعظم أسبابه البدع الباطلة التي دعت أهلها إلى أن حرفوا الكلم عن مواضعه وفسَّروا كلام الله وكلام الرسول يقول من أعظم أسباب خلاف التفسير البدع فأهل البدع لا يريدون أن يتركوا بدعهم ومن تدعي أخوان قلَّ أن يتوب لماذا؟ يعتقدون على صواب العاصي يتوب وليهذا قال العلماء رحمه الله البدعة أحب إلى الشيطان من المعصية المعصية يتوب صاحبها أخوان يعرف أنه معصي ويحاول يحاول أن يتوب لكن لم تدع له وليدع إلى بدعته ولا قوة إلا بالله ولهذا ورد الحديث إن الله احتجر التوبة عن كل صاحب بدعه ويحال بينه بين التوبة ولا قوة إلا بالله والمقصود هنا التنبيه على مثال الاختلاف في التفسير وأن من أعظم أسبابه البدع الباطلة التي دعت أهلها إلى أن حرفوا الكلم عن مواضعه وفسَّروا كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بغير ما أريد به وتأولوه على غير تأويله فمن أصول العلم بذلك أن يعلم الإنسان القول الذي خالفوه وأنه الحق وأن يعرف أن تفسير السلفي يخالف تفسيرهم وأن يعرف أن تفسيرهم محدث مبتدع ثم أن يعرف بالطرق المفصلة فساد تفسيرهم بما نصبه الله من الأدلة على بيان الحق وكذلك وقع من الذين صنفوا في شرح الحديث وتفسيره من المتأخرين من جنس ما وقع بما صنعوه من شرح القرآن وتفسيره وأما الذين يخطئون في الدليل لا في المدلول فمثل كثير من الصوفية والوعاظ والفقهاء وغيرهم فإنهم يفسرون القرآن بمعاني صحيحة لكن القرآن لا يدل عليها مثل كثير مما ذكره أبو عبد الرحمن السلمي في حقائق التفسير أبو عبد الرحمن السلمي غير الإمام يا أخوان المقرئ رحمه الله بن حبيب تابعي المشهور الذي مر ذكره في الأثر هذا أبو عبد الرحمن السلمي نيسابوري هذا من المتصوفة وله تفسير قال فيه الذهبي ليته لم يؤلفه وقال فيه قرمطة صار فيه على طريقة الباطنية يذكرون أقوال مؤدّاها ولا قوة إلا بالله خطير ويفسرون القرآن بأرى وأقوى أقوال هي غاية في البعد عن الحق والسبب فتح باب التعويض فلما أولى نفاة الصفات الصفات أولوا هؤلاء كل شيء حتى الأمر بهم إلى الضياع ولا قوة إلا بالله الزيغ الحير وإن كان فيما ذكروه ما هو معاني باطلة فإن ذلك يدخل في القسم الأول وهو الخطأ في الدليل والمدلول جميعا حيث يكون المعنى الذي قصدوه فاسدا فصل فإن قال قائل فما أحسن طرق التفسير هذا هو الشق الثاني من الرسالة حقيقة الشق والرسالة كلها فوائد يا أخوان لكنها تقوم على شقين الشق الأول الاختلاف وأن جل الاختلاف في التفسير اختلافه تنوع كما ذكر مع أنه ما فيه اختلاف تضاد بلا شك الشق الثاني طرق التفسير وطرق التفسير عند السلف تفسير القرآن بالقرآن وذكر له عدة أمثلة كمقاولي (والسماء والطارق* وما أدرك ما الطارق) ما هو الطارق؟ (النجم الثاقب) إن الإنسان خلقها لوعة معناها لوعة إذا مسألنا (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) من هم لا الذي يمشي على الماء ويطير في الهوى والخرافات التي أدخمت الأمة وانتشرت فيها ولا قوة إلا به هذا هو الولي فمن كان لله تقيا كان له كان له وليا كان له وليا هذا الولاية بنص كلام الله عز وجل ونصوص كثيرة من تفسير القرآن بالقرآن تفسير القرآن بالسنة أيضا كقوله صلى الله عليه وسلم لما قرأ الآية (وَأَعِدُوا لَهُمْ مَا استطعتم مِنَ قُوَّةِ) قال( ألا إن القوة الرمي) كذلك إذن لما ذكر الذين أحسنوا الحسنى وزيادة ذكر حديث صهيب أن الله سبحانه في قولِهِ : لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ قالَ : إذا دخلَ أَهْلُ الجنَّةِ الجنَّةَ نادى مُنادٍ : إنَّ لَكُم عندَ اللَّهِ موعدًا ، فيُكْشفُ الحجابُ ، قالَ : فواللَّهِ ما أعطاهُم شيئًا أحبَّ إليهِم منَ النَّظرِ إليهِ من نظر الله عز وجل وقرأ الآية (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) أيضا تفسير القرآن بأقوال الصحابة الصحابة كما قال ابن مسعود (أبروا الناس قلوبا وأعمقهم علما وأقلهم تكلفا )وأسلمهم من الأهواء وهم الذين صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم وشاهدوا التنزيل وعرفوا التأويل فهم لا شك أعلم الناس بكتاب الله عز وجل ثم أيضا تفسير بأقوال التابعين وهم بعد الصحابة وهم أسلموا من غيرهم وهم في الفضل بعد الصحابة من القرون المفضلة واللغة أيضا في وقتهم لم تكن تغيرت كثيرا ثم التفسير بالاجتهاد أو بالرأي وإن كان ورد فيه ما يدل على ذمه إلا أن التفسير بالرأي نوعا رأي مقبول محمود وهو المبني على العلم كتاب الله وسنة الرسول للغة العرب مقاصد التنزيل ورأيهم مضمون المبني على جهل وهو الذي ورد ذنبه ثم أوردالشيخ جملة من العبارات عن السلف تدل على أنهم كانوا يتوقعون الكلام في التفسير خوفا من الخطأ فيه وأيضا ما يدل على أنهم اشتغلوا بالتفسير وأن مرادهم النهي عن التفسير والخوض فيه الخوض في التفسير الذي لم يبلغ شخصا منه علم والواجب عليه أن يكف عنه فالمسألة يا إخوان رواية عن الله وبيان لكلام الله عز وجل ولهذا يحذر طالب العلم المبتدأ من الخوض في هذا الأمور وكلام في التفسير حتى يعرف كلام أهل العلم رضي الله عنهم ورحمه نعم فصل فإن قال قائل فما أحسن طرق التفسير فالجواب إن أصح الطرق بذلك أن يفسر القرآن بالقرآن فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة ومن أجمع التفاسير في هذا الجانب تفسير من يا إخوان بن كثير الشيخ محمد الأمين الشنقيطي أيضا هو البيان لهم عناية في هذا الجانب وكثير من التفسير في هذا الجانب رحمه الله نعم فإن أعياك كذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن قال الله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرْاِكَ الله وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا) وقال تعالى (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْذِكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) وقال تعالى (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ )ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه( يعني السنة والسنة أيضا تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن لا أنها تتلى كما يتلى وقد استدل الإمام الشافعي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لا أنها تتلى كما يتلى وقد استدل الإمام الشافعي وغيره من الأئمة على ذلك بأدلةٍ كثيرةٍ ليس هذا موضع ذلك والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه فإن لم تجده فمن السنة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذٍ رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن( بما تحكم قال بكتاب الله قال فإن لم تجد قال بسنة رسول الله قال فإن لم تجد قال بسنة رسول الله قال فإن لم تجد قال أجتهد برأيي قال فضرب رسول الله) لاحظوا يا أخوان النبي صلى الله عليه وسلم قال فإن لم تجد ولم يقول فإن لم يوجد لماذا؟ لم تجد أنت قد يكون موجودا ولا تجده أنت ولا تتفطن له فإذا لم تجده ووجدت الحكم في القرآن فابحث عنه في السنة وإلا قال أجتهد فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره وقال (الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله )لما يرضي رسول الله وهذا الحديث بالمساند والسنن بإسنادٍ جيد وحينئذ إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن والأحوال التي اختصوا بها ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح لا سيما علماؤهم وكبراؤهم كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال الإمام أبو جعفر محمد بن جليل الطبري حدثنا أبو كريب قال أنبانا جابر بن نوح قال أنبانا الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال قال عبد الله يعني بن مسعود( والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلمه فيمن نزلت وأين نزلت ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته) وقال الأعمش أيضا عن أبي وائل عن بن مسعود رضي الله عنه قال( كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن) ومنهم الحبر البحر عبد الله بن مسعود ابن عم ومنهم الحبر البحر الأثر الأولي ذكر عن بن مسعود ومن آية في كتاب الله إلى آخر هذا في مسلم أيضارأيه ليس معناه أنه يأتي بتشريع من عنده لا حاشا لكن يجتهد في تطبيق القرآن والسنة على الواقع نعم قال وهذا يذل على مدى ما كان عليهم بن مسعود من العلم بكتاب الله رضي الله عنه وأرضاه وابن مسعود كلمة فائقة أحفظوها يا أخواني كنت أحفظوها إن شاء الله في بيان قيمة الصحابة وعلمهم ويقوله (من كان مستنًّا فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة) أولئك أصحاب محمد كانوا أبر الناس قلوبا وأعمقهم علما وأقلهم تكلفا قوم اخترهم الله لنصرة دينه وصحبة نبيه فاعرفوا لهم فضله فإنهم كانوا عليهم مستقيم وقال رضي الله عنه أطلبوا العلم قبل فقده أطلبوا العلم قبل فقده وفقده موت أهله وإياكم والتنطع والتعمق وعليكم بالعتيق ما العتيق؟ قديم علم الصحابة رضي الله عنه علم الأصيل ما أحلى كلام ابن مسعود يا إخواني أحلى كلام الصحابة رضي الله عنه كيف قد صدروا يا إخواني عن مشكاة النبوة فاعتنوا بكلامهم وكلام التابعين يا إخواني كلمة الواحدة منهم تعدل والله يا إخواني مجلدات كثر الكلام وكلامهم يا إخواني كلمة واحدة وجيزة عظيمة تراها منهجًا وتراها علمًا ترتسم وتسيرُ عليه رضي الله عنهم ورضي الله عنهم ومنهم الحبرُ البحرُ عبد الله بن عباسٍ ابن عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وترجمان القرآن ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال (اللهم فقهه في الدين وعلِّمه التأويل) وقال ابن جرير حدَّثنا محمدٌ بشارٍ قال أنبأنا وكيف ينبغي الواحد منكم يا إخواني أن يدعو بهذه اللعبة اللهم فقهني في الدين وعلِّمني الكتاب في رواية وعلِّمني الحكمة الصحيح والتأويل أيضًا اللهم فقهنا في الدين وعلِّمني الكتاب والحكمة والتأويل يضل الجلال والإكرام يا حي يا غير وقال ابن جرير حدَّثنا محمدٌ بشارٍ قال أنبأنا وكيف قال أنبأنا سفيان عن الأعمش عن مسروق عن مسلم عن مسروق قال قال عبد الله يعني ابن مسعود نعم ترجمان القرآن ابن عباس ثم رواه عن يحيى بن داود عن إسحاق الأزرق عن سفيان عن الأعمش عن مسلم بن صبيح في رواية لو أدرك زماننا ما أشره منا أحد يعني ما بلقاه أشره وقد مات ابن مسعود سنة ثلاثة وثلاثين بالهجرة على الصحيح يحكي وعمر بن عباس بعده مات سنة ثمانة وستين كيف لو رأاه بعد ذلك رضي الله عنهم أجمعين عن مسروق عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال نعم ترجمان للقرآن ابن عباس ثم رواه عن بندار عن جعفر بن عون عن الأعمش به كذلك فهذا إسناد صحيح إلى ابن مسعود أنه قال عن ابن عباس هذه العبارة وقد مات ابن مسعود في سنة ثلاث وثلاثين على الصحيح وعمر بعده ابن عباس ستة وثلاثين سنة فما أظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود وقال الأعمش عن أبي وائل استخلف علي عبد الله بن عباس رضي الله عنه ماق على الموسم فخطب الناس فقرأ في خطبته سورة البقرة وفي رواية سورة النور ففسرها تفسيرًا لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا ولهذا فإن غالب ما يرويه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير في تفسيره عن هذين الرجلين ابن مسعود وابن عباس ولكن في بعض الأحيان ينقل عنهم ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب التي آباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال (بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) رواه البخاري عن عبد الله بن عمر ولهذا كان عبد الله بن عمر قد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب فكان يحدِّث منهما بما فهمه من هذا الحديث من الإذن في ذلك ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد فإنها على ثلاثة أقسام يعني ذكر أنها ثلاثة أقسام قسم جاء الشرع بتصديقه هذه لا بأس يقبل وقسم جاء الشرع برده وتكذيبه فهذه ترد وتكذب وقسم لم يأتي الشرع لا بتصديقه ولا بتكذيبه وهذا الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) لكن كما قال الشيخ تذكر للاستشهاد لا لاعتقاد ليس أن الإنسان يملي عليها اعتقاداً وعملاً والمفسرون مختلفون في الإسرائيليات في نقلها فبعضهم ينقلها بأسانيدها ويرى أنه خرج من العهد بذكر الأسناد وبعضهم يذكرها هكذا دون أسانيد وبعضهم لا يذكرها أبداً ولا يرى أن تذكر وكان الشيخ عثمان السعدي يرى أن لا يفسر القرآن بالإسرائيليات ويقول كيف يفسر أصدق الحديث على كلام قصار القول فيه أن لا يصدق ولا يكذب أصدق الحديث يفسر بكلام لا يصدق ولا يكذب وبعض الأهل العلم أوردها وتكلم عليها كابن كثير على شيء منها فإن أعلى ثلاثة أقسام أحدها ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح والثاني ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه والثالث ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل فلا نؤمن به ولا نكذبه وتجوز حكايته لما تقدم وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمرٍ ديني ولهذا يختلف علماء وأهل الكتابة مثل هذا كثيرًا ويأتي عن المفسرين خلافٌ بسبب ذلك كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف ولون كلبهم وعدَّتهم وعصا موسى من أي الشجر كانت وأسماء الطيور التي أحياها الله تعالى لإبراهيم وتعين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة ونوع الشجرة التي كلَّم الله منها موسى إلى غير ذلك مما أبهمه الله تعالى في القرآن مما لا فائدة من تعينه تعود على المكلَّفين في دنياهم ولا دينهم ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائزٌ كما قال تعالى (سيقولون ثلاثةٌ رابعهم كلبهم ويقولون خمسةٌ سادسهم كلبهم رجماً بالغيب ويقولون سبعةٌ وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدَّتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمارِفيهم إلا مراءً ظاهراً ولا تصفيفيهم منهم أحداً )نعم ذكر الأصوات الخلاف عنهم في عدتهم (سيقول ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم) وأبطل القولين بقوله (رجماً بالغيب) ثم قال (ويقولون سبعةٌ وثامنهم كلبهم) وسكت عن هذا القول فذل على أنه هو الأقرب نعم ولكن مع ذلك لا تمارِي ولا تجادل في مثل هذا الأمر إلا مراءً ظاهراً ولا تسأل منهم أحداً فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا فإنه تعالى أخبر عنهم بثلاثة أقوال ضعف القولين الأولين وسكت عن الثالث فدل على صحته إذ لو كان باطلاً لردَّه كما ردَّهما ثم أرشد إلى أن للطلاع على عدَّتهم لا طائل تحته فيقال في مثل هذا (قل ربي أعلم بعدَّتهم) فإنه ما يعلم بذلك إلا قليلٌ من الناس ممن أطلعه الله تعالى عليه فلهذا قال( فلا تماري فيهم إلا مراءً ظاهراً) أي لا تجهد نفسك فيما لا طايل تحته ولا تسألهم عن ذلك فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام