فقال تعالى : ( يوم ترونها ) أي الزلزلة أو كل مرضعة ، تهويلاً للأمر وترويعاً للنفس ) تذهل ) أي تنسى وتغفل حائرة مدهوشة ، وهو العامل في ( يوم ) ويجوز أن يكون عامله معنى الكلام ، ويكون ما بعده استئنافاً ودل بالسور على عموم تأثير لشدة عظمته فقال : ( كل مرضعة ) أي بالفعل ) عما أرضعت ( من ولدها وغيره ، قال البغوي : يقال : مرضع ، بلا هاء - إذا أريد به الصفة مثل حائض وحامل ، فإذا أردوا الفعل أدخلوا الهاء - يعني : فيدل حينئذ أنها ملتبسة به ) وتضع كل ذات حمل حملها ) أي تسقطه قبل التمام رعباً وفزعاً ، فإن كل أحد يقوم على ما مات عليه ، قال ا لحسن : تذهل المرضعة عن ولدها بغير فطام ، وتضع الحامل ما في بطنها بغير تمام - انتهى . ويؤيد أن هذه الزلزلة تكون بعد البعث ما في الصحيحين وغيرهما : مسلم في الإيمان وهذا لفظه ، والبخاري عند تفسير هذه الآية عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه رفعه : ( يقول الله عز وجل : يا آدم فيقول : لبيك وسعديك والخير في يديك ، قال : يقول : أخرج بعث النار ، قال : وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون ، والمنسب أيضاً لما في آخر تلك من قوله 77 ( ) فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا ( ) 7 الأنبياء : 97 ] وما تبعه أن هذه الزلزلة بعد القيام من القبور الأنبياء : 104 ] النفطار : 1 ، 5 ] ويمكن أن يكون المراد هذا وا قبله لأن يوم الساعة طويل ، ولا يرى الإنسان السكر - إلا من غيره قال صفحة رقم 132 في الزلزلة ) ترونها ( وقال في ) السكر ( : ( وترى الناس سكارى ) أي لما هم فيه من الدهش والحيرة والبهت لما شاهدوا من حجاب العز وسلطان الجبروت وسرادق الكبرياء ، ولما نفى أن يكونوا سكارى من الخمر ، أثبت ما أوجب لهم تلك الحالة فقال : ( ولكن عذاب الله ( ذي العز والجبروت ) شديد ( فهو الذي وجب أن يظن بهم السكر ، وطير هوله عقولهم . ولما أفهم العطف الآتي أن الناس قسمان ، وحزب الشيطان غماً وترحاً ، عطف عليه قوله : ( ومن الناس ) أي المذبذبين المضطربين ) من ( لا يسعى في إعلاء نفسه وتهذيباً فيكذب فيوبق بسوء أعماله ، فيترك اتباع الهداة النصحاء ) ويتبع ( بغاية جهده في جداله ) كل شيطان ) أي محترق بالشر مبعد باللعن . فهو في غاية الضراوة عليه ،